الرائدة في صحافة الموبايل

متلازمة المال والأعمال الخيرية.. بيل غيتس يتبرع ب100 مليار دولار!

تثير العلاقة بين رجال الأعمال والأعمال الخيرية حالة من الجدل حول عدة أمور، مثل مدى المسؤولية المجتمعية لرجال الأعمال والتزامهم بها، وهل التبرع بالاموال للمجتمع واجب على جميع رجال الأعمال أم انها مسألة اختيارية، وكذلك حول فعالية هذه التبرعات في تغيير وتحسين حياة المحتاجين والفقراء والمرضى أم أنها توجه لأهداف أخرى قد تخدم أجندات معينة أو فرض توجهات على المجتمعات والدول الفقيرة؟!

يظهر بامبراطور بيل غيتس أحد أغنى أغنياء العالم وأحد أكثر الرجال إثارة للجدل والذي تربع لفترة طويلة على عرش الغنى في العالم، عرف أيضا بالتبرع للأعمال الخيرية والإنسانية بثروات طائلة. والذي قال: “تبرعت بما يزيد على 100 مليار دولار… ولا يزال لدي المزيد لأعطيه”.

جاء ذلك خلال مقابلة حصرية لبي بي سي، والتي تحدث فيها عن حجم التبرعات الذي أنفقته مؤسسته الخيرية لدعم جهود مكافحة الأمراض التي يمكن الوقاية منها والحد من الفقر.

يتعاون بيل غيتس، المؤسس المشارك لمايكروسوفت، مع وارن بافت، شريكه في العمل الخيري، في تمويل مؤسسة غيتس الخيرية، التي أسسها سابقاً مع زوجته السابقة ميليندا.

وعند سؤاله عن أسلوب حياته اليومي، يقول غيتس إنه في الواقع لم يلاحظ أي فرق: “لم أقدم أي تنازلات شخصية. لم أقلل تناولي للهامبرغر أو مشاهدة الأفلام”، بالطبع يظل غيتس قادراً على تحمل تكاليف طائرته الخاصة ومنازله الكبيرة المختلفة.

وأشار غيتس أنه ينوي التبرع بباقي ثروته بعد الموت، لذلك ناقش الأمر مع مع أولاده الثلاثة ليحددوا المبلغ الذي يرونه مناسباً كي يتركه لهم.

وعلق على المبلغ الذي سيتركه لهم وهل سيكونوا فقراء أم لا “لن يكونوا فقراء”، وأضاف “من حيث القيمة المطلقة، سيكونون في وضع جيد، ولكن من حيث النسبة، الرقم ليس ضخماً للغاية”.

وُلِد غيتس ونشأ في سياتل بواشنطن. أسس شركة مايكروسوفت في ألباكركي بنيو مكسيكو في عام 1975. حيث أصبحت أكبر شركة برمجيات حواسيب شخصية في العالم. قاد غيتس الشركة كرئيس مجلس إدارة ومدير تنفيذي حتى تنحى عن منصب الرئيس التنفيذي في يناير عام 2000.

تعرض خلال أواخر تسعينيات القرن العشرين لانتقادات بسبب تكتيكاته التجارية، والتي اعتبرت مناهضة للمنافسة. واجه هذا الرأي التأييد من خلال العديد من أحكام المحاكم.

وترك غيتس منصبه في مايكروسوفت للتركيز على جهوده الخيرية، بما في ذلك تغير المناخ، والصحة العالمية، والتنمية، والتعليم.

أُدرِج غيتس منذ عام 1987 في قائمة فوربس لأغنى أثرياء العالم. حصل على لقب فوربس لأغنى شخص في العالم في كل سنة منذ عام 1995 حتى عام 2017 باستثناء الفترة منذ عام 2010 حتى عام 2013.

تطرح حالة غيتس تساؤلات كثيرة حول كيفية تشكل هذه الثروة الطائلة من جانب، وهل من العدالة والمنطق أن يمتلك رجل واحد ثروة تفوق ميزانية بعض الدول.

التساؤل الثاني الهام هل كل الأثرياء يتوجب عليهم التبرع بمليارات الدولارات للأعمال الخيرية، ولو كان تكوين ثرواتهم بشكل نزيه وشفاف لما حدث هذا الثراء الفاحش وزاد عدد الفقراء والجوعى.

يرى بعض خبراء الاقتصاد والاجتماع أن أصل المشكلة يكمن في نظام رأسمالي، مشابه للأنظمة الاستعمارية، تفرضه الولايات المتحدة وحلفاؤها قائم على سيادة الدولار الأمريكي للاقتصاد العالمي وسياسة التبعية. هذا النظام الرأسمالي يعمل على تراكم الثروة في اتجاه واحد فقط من دول العالم بالاخص افريقيا وآسيا نحو حسابات ومصارف الأثرياء.

هذا النظام قائم على الاحتكار وغير قابل للمنافسة، فالولايات المتحدة تحتكر الإنتاج وتحارب أي منتج آخر، والأهم من ذلك أنها تحدد نسبة الارباح والأسعار.

ومنذ انسحاب الولايات المتحدة في الستينيات من اتفاقيات ملزمة تربط العملات الأجنبية بالغطاء الذهبي أو الدولاري لدى بعض الدول الأخرى، أصبحت كل دولة تقدم سلعا معينة بقيمة تسعيرية مضللة، لأن الدولار ببساطة لا يتكلف سوى ثمن الورق والطباعة.

ويرى الخبراء أن الاقتصاد الحر قائم على التنافسية وهو ما لا يحدث في الواقع، وان الاقتصاد الموجه أكثر عدالة اجتماعية واقتصادية. وبعد تقديم النموذجين الغربي والشرقي في الاقتصاد وظهور مشكلات خاصة بالكساد والتضخم، نبعت فكرة الاقتصاد الاجتماعي الذي لا ترغب الدول الكبرى في تطبيقه إلا في حدود بسيطة حتى تضمن الهيمنة والسيطرة وذلك بقيادة النخب فاحشة الثراء داخل تلك الدول.

ولذلك يرى مؤيدو هذا الرأي أن تضخم الثروة عند غيتس وغيره لم يكن بشكل شفاف ونزيه بل بشكل استغلالي محتكر، وأن التبرعات التي يقدمونها ما هي إلا سياسة أو سلوك من دولهم لتبييض وجهها القبيح، فهي تسرق مقدرات وثروات الشعوب الفقيرة ثم تزعم أنها تحسن إليهم.

وبالنظر لهذا الرأي وربطه بالاقتصاد الرأسمالي فإن التبرعات أو الهبات أو القروض عبر مؤسسات دولية مثل البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي أو الجمعيات الخيرية فإنها مجرد إسقاط جزء من الأرباح لتستمر العملية الإنتاجية، فلو نفذت أموال المستهلكين الفقراء ستصاب الأسواق العالمية بالكساد والركود.

لذلك؛ فهم يعطونهم فرصة لاستمرار العمل ومزيد من تسويق منتجات الغرب وبالتالي تحقيق مزيد من الأرباح للغرب، فما يعطونه للدول الفقيرة جزء صغير جداً من حجم الثروات التي يحصلون عليها بقيمة زهيدة و يبيعونها بأضعاف مضاعفة.

وقد لا يتفق جزء من الخبراء مع هذا الطرح السابق، ويرون غيتس وغيره حالات نادرة للإحسان وحب الخير، بدليل وجود أثرياء مثلهم لا يقومون بذلك بل يستثمرون في السلاح والمخدرات والإرهاب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد