المواجهات النارية بين الرميلي وأفيلال.. “دخان ونار” أم مجرد انفلات؟!
دنا بريس – نادية الصبار
شهدت مدينة الدار البيضاء في الآونة الأخيرة مواجهتين ناريتين بين المستشارة الجماعية فاطمة الزهراء أفيلال والعمدة نبيلة الرميلي، الأولى في يوليوز 2023، والثانية في فبراير 2025. وكما يقول المثل “ليس هناك دخان بدون نار”.. فهل نيران ما يقع داخل المجلس وخلف الكواليس هو ما أدكى نيران أفيلال وأخرجها من صمتها وأفقدها السيطرة؟! وكيف شخصت الرميلي حالة أفيلال بعد المواجهة الأولى علنا وقالت أنها كطبيبة ستتابع حالتها، رباه ما هذا التداخل بين السياسي والإنساني؟!
المواجهة الأولى بين الرميلي وأفيلال
خلال دورة استثنائية للمجلس بتاريخ 27 يوليوز 2023، تحولت قاعة الاجتماعات إلى ساحة صدام حاد، بعدما أصرت المستشارة فاطمة الزهراء أفيلال على أخذ الكلمة رغم اعتراض العمدة، متهمة الأخيرة بـ”التواطؤ والفساد”.
ولم يقتصر الأمر على المواجهة الكلامية، بل تطور إلى مشهد فوضوي حين احتلت المستشارة مقعد العمدة ورفضت مغادرته، مما اضطر العمدة إلى رفع الجلسة. ومع تصاعد الموقف، قامت القوات المساعدة بالتدخل، وقامت بنقل أفيلال والعهدة على من روى، في حالة هستيرية انتهت بإغماء أفيلال إلى المستشفى على متن سيارة إسعاف، في مشهد غير مألوف في تدبير المجالس المنتخبة.
بعد الحادث،وحسب ما تداولته إحدى المنابر الإعلامية، أبدت أفيلال استياءها من تصرفها، وأعربت عن استعدادها للاعتذار للعمدة، مشيرةً إلى الضغوط التي تعرضت لها في الأشهر الأخيرة.
المواجهة الثانية واتهام العمدة ب”المجرمة “
لم يتوقف الصراع، بل تم فتح فصل جديد منذ ايام خلت، خلال دورة فبراير 2025، بعدما تم منع أفيلال من دخول مقر الولاية لحضور اجتماع المجلس، بدعوى “تعليمات صارمة” من الوالي محمد امهيدية. هذا القرار أثار تساؤلات واسعة حول مدى مشروعيته، وما إذا كان الوالي فعلاً قد أصدر مثل هكذا تعليمات، أم أنه تم استُخدام واستغلال اسم امهيدية كغطاء سياسي لإقصاء المستشارة المثيرة للجدل.
وهنا يمكن تسجيل أن مثل هذه المواجهات تعكس صراعًا سياسيًا داخليًا في مجلس جماعة الدار البيضاء، حيث تتداخل الاتهامات بالفساد، الإقصاء، واستغلال السلطة.
يبقى السؤال: هل هذه المواجهات مجرد خلافات سياسية عابرة، أم أنها مؤشر على مرحلة جديدة من الصراع داخل المجلس، حيث يُحسم النفوذ عبر الإقصاء والتدخلات غير المعلنة بدل الاحتكام إلى آليات العمل الديمقراطي؟
هذا وتشير مصادر من داخل المجلس إلى أن أفيلال، المعروفة بمواقفها الجريئة وانتقاداتها الحادة، باتت مصدر إزعاج لبعض الأطراف، خصوصًا مع تركيزها على ملفات حساسة تتعلق بالتدبير المالي وصفقات التعمير. ويرى مراقبون أن ما يحدث يعكس توجهًا متزايدًا نحو التضييق على المعارضة داخل المجلس، في وقت يُفترض أن يكون الفضاء الجماعي منبرًا للنقاش الديمقراطي، لا ساحة لتصفية الحسابات السياسية.
وفي وقت سابق، خلال المواجهة الأولى بين أفيلال والرميلي، سارع مصطفى حيكر، رئيس الفريق الاستقلالي بالمجلس، إلى النأي بنفسه عن تصرفات أفيلال، معتبرًا أنها لا تمثل موقف الحزب، بينما تداولت مصادر حزبية، حينها، إمكانية تجميد عضوية أفيلال.
ومن خلال تحليل أولي للمعطيات يتضح أن الوضع داخل حزب الميزان قاب قوسبن أو أدنى من اختلال في موازينه، فعلى ما يبدو أن الميزان يعيش حالة ارتباك. فبينما تبرأ رئيس الفريق الاستقلالي من تصرفاتها في وقت سابق، نجد أن الحزب نفسه احتج على الإقصاء. هذه المفارقة تعكس خلافات داخل الحزب وغياب رؤية واضحة وموقف موحد تجاه الوضع.
والمتتبع لهاته المواجهات المفضوحة يتراءى له أن فاطمة الزهراء أفيلال تحولت إلى شخصية “مزعجة” و”غير مرغوب فيها” للعمدة نبيلة الرميلي، خاصة بعد اتهامها لها بـ”الفساد” والتواطؤ. لتتطور الأحداث من احتجاج داخل المجلس، إلى احتلال المنصة ورفض مغادرتها، وصولًا إلى الإغماء والاستعانة برجال الوقاية المدنية، إلى فصل جديد تتهم فيه افيلال الرميلي في واضخة النهار ب” المجرمة” مما يوحي إلى أن أفيلال كانت تخوض معركة سياسية “غير متكافئة” جعلتها تخرج عن السيطرة.
وأما موقف افيلال الأخير والحديث عن توظيف اسم الوالي، إذا ثبتت صحته، يشير إلى احتمالية وجود تداخل بين السياسي والإداري في تدبير الشأن المحلي. وبكل الأحوال، يؤكد سلوك أفيلال وإصرارها على أقوالها التي ما فتئت كلما حاول أحد منعها أو تهدئتها تقول: “خليوني نوضح للرأي العام” .. ( يؤكد ) أن العود والتكرار والإصرار تصعيد غير مسبوق، قد يعكس شعورها بأنها مستهدفة، سواء لأسباب سياسية أو شخصية.
ليبقى الباب مفتوحا على مصراعيه لأسئلة تطرح نفسها وبحدة:
هل كان التصعيد الذي قامت به أفيلال خطوة سياسية محسوبة، أم مجرد رد فعل غاضب فقدت خلاله السيطرة؟
إلى أي مدى يمكن لحزب الاستقلال أن يدافع عن مستشارته؟!
هل العمدة الرميلي فعلاً تلجأ إلى تكميم المعارضة، أم أن أفيلال تجاوزت الخطوط الحمراء في أسلوب مواجهتها؟
وكيف سيتعامل السيد الوالي مع الزج باسمه في هذه القضية؟ وهل الزج باسم امهيدية واستمرار الجدل حول علاقة العمدة بالوالي قد يفتح ملفات أخرى تتعلق بطريقة تدبير المدينة؟! وهل سيؤثر ذلك على موقع الرميلي سياسيًا؟!
هذا وإذا واصل المجلس هذا النهج، فقد تشهد الأيام المقبلة مزيدًا من المواجهات داخل دوراته القادمة، وربما تدخل جهات عليا لحسم الصراع.
ملاحظة: للجهات المعنية حق الرد