الذكرى الـ 44 لاسترجاع إقليم وادي دهب.. محطة تاريخية مجيدة
أحمد شاكر-دنا بريس
تشهد الممكلة المغربية، غدًا الأثنين، الذكرى الـ44 لاسترجاع إقليم وادي الذهب من الاحتلال الإسباني، التى تعد محطة تاريخية ومنارة للمناضلين فى استكمال مسيرة الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية، وذلك وسط أجواء نبيلة تجعلك تشعر بالانتماء لترسيخ حب الوطن والولاء له.
ففي يوم 14 غشت عام 1979، بدأ توافد العلماء والوجهاء والأعيان والشيوخ سائر قبائل وادي ذهب على مدينة الرباط، يبايعون جلالة الملك الراحل الحسن الثاني، ومعلنين ارتباطهم الوثيق بالمغرب وبالوحدة الترابية، مما شكل هذا الأمر ضربة لخصوم الممكلة.
وعقب ذلك قامت مسيرة “فتح الغراء” والتى من خلالها خاطب الملك الراحل الحسن الثاني أبناء القبائل الصحراوية قائلًا: “إننا قد تلقينا منكم اليوم البيعة، وسوف نرعاها ونحتضنها كأثمن وأغلى وديعة فمنذ اليوم، بيعتنا في أعناقكم ومنذ اليوم من واجباتنا الذود عن سلامتكم والحفاظ على أمنكم والسعي دوما إلى إسعادكم، وإننا لنشكر الله سبحانه وتعالى أغلى شكر وأغزر حمد على أن أتم نعمته علينا فألحق الجنوب بالشمال ووصل الرحم وربط الأواصر”.
فقام جلالة الملك بعد الخطاب بتوزيع السلاح على وفود القبائل، لاستمرارالكفاح والنضال ومن أجل الدفاع عن الوحدة الترابية، ولكي تأمين واستقرار الأقاليم الجنوبية المسترجعة إلى الوطن.
وبعد بضعة أشهر تجدد اللقاء مرة آخرى، بين مبدع المسيرة الخضراء وأبناء إقليم وادي الذهب، من خلال زيارة رسمية اثناء احتفالات عيد العرش، ومن هنا توطدت العلاقة أكثر الخيط حبل متين قوي بين الربوع المناضلة، ومن هنا أحبطت كل مناورات خصوم الوحدة الترابية.
فعمل أبناء المملكة على تطوير وأبراز ثمارها من جديد بأقاليمه الجنوبية، مدافعين عن وحدتهم الوطنية المستدامة رافعين شعار القوة فى الوحدة للعالم أجمع، وواصلوا تحرير ما تبقى من الأجزاء المغتصبة بدءا بمدينة طرفاية في 15 أبريل 1958، ثم سيدي إفني في 30 يونيو 1969، وذاك بفضل وحنكة جنرال الحروب جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني، عادت معظم أراضي أقاليم الجنوب، وأخيرا استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979.
وواصل بعدها جلالة الملك محمد السادس، حاملًا مشعل الدفاع عن وحدة التراب الوطني، وبعد مرور 44 عاما على عودة هذا الإقليم إلى الوطن ومنذ استرجاع هذا الإقليم أصبحت الصحراء الجنوبية، أرض عمل وكد وصناعة فتم تدشين أوراش عمل كبرى لإنجاز مشاريع وبرامج استثمارية وتنموية في كافة المجالات والواجهات الاقتصادية لبناء قاعدة مادية قوية للإنتاج ولتوفير فرض العمل لأبناء الوطن.
كما تم إطلاق سلسلة من المشاريع الاستراتيجية الكبرى قيد التنفيذ، والتي تهم ميناء الداخلة الأطلسي، والمنطقة اللوجستية الحرة لغرب إفريقيا، ويوتفر بإقليم وداي ذهب عدة مزايا أخرى تشجع على الاستثمار، وموارد بشرية مؤهلة لمواكبة احتياجات سوق العمل.
حيث تنسقم المنطقة إلى ثلاثة أماكن اقتصادية، “الحي الصناعي الميسرة، المنطقة الصناعية المينائية، المنطقة الصناعية السلام”، ويتوفر بها 105 وحدة ومؤسسة اقتصادية تشمل مجال الصناعات الغذائية ومواد البناء وأحواض بناء السفن وغيرها.
يتمتع إقليم وادي الذهب، بموقع جغرافي استراتيجي فهو صلة الوصل بين إفريقيا وأوروبا، فيشهد اليوم قفزة نوعية في قطاعات الاقتصاد والتعمير والشؤون الاجتماعية،
فالاحتفاء بالذكرى الـ 44 لاسترجاع إقليم وادي الذهب كل سنة، واستحضار دروسها ودلالاتها في نطاق درس الوحدة الترابية للمملكة، يدعونا نتأمل كم مررنا بصوعوبات وضغوطات لكننا كنا مناضلين شجعان نحب هذا الوطن، فصنعنا تاريخ يعترف به العالم أجمع وكان أبرز أطاله أبناء الوطن وقدماء المقاومين وأعضاه جيش التحرير، فلابد أن نمتن لأنفسنا وننقل قصص كفاحنا من جيل إلى جيل .
كما أن أسرة المقاومة وجيش التحرير تغتنم مناسبة تخليد الذكرى الـ 44 لاسترجاع إقليم وادي الذهب المجيدة لتجدد ولاءها وإخلاصها للعرش العلوي المجيد، وتعلن عن استعدادها الكامل وتعبئتها المستمرة وراء قائد البلاد صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
ويقوم منظمين الاحتفال كل عام بعمل برنامج حافل بالأنشطة والفعاليات المخلدة للذكرى الـ 44 للحدث التاريخي العظيم لاسترجاع إقليم وادي الذهب، يتضمن بعد تحية العلم الوطني مهرجانا خطابيا بالقاعة الكبرى لولاية جهة الداخلة.
يتم خلاله إلقاء كلمات وشهادات تحتفي بهذه الذكرى الغراء، ومن ثم تكريم قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالداخلة، وتوزيع جوائز واوسمة رمزية ومساعدات اجتماعية على عدد من المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير وأرامل المتوفين منهم المستحقين للدعم المادي والاجتماعي.