مؤسسة القلم تحتفي برواية “رقصة الفلامنكو” للكبير الداديسي
دنا بريس
نظمت مؤسسة القلم للفكر والثقافة والفن في آسفي بقاعة المركب الاجتماعي لرجال التعليم ونسائه مساء يوم الثلاثاء 4 يونيو 2024 حفل توقيع رواية (رقصة الفلامنكو) للروائي والناقد الكبير الداديسي: وهي ثالث رواية للكاتب بعد عدد من المؤلفات النقدية والفكرية. جمع حفل التوقيع بين الأدب والموسيقى، إذ تضمن ثلاث قراءات في الرواية ووصلات موسيقية.
القراءة الأولى قدمتها الشاعرة دامي عمر تحت عنوان (ريشة الروائي في محبرة التاريخ) حاولت فيها إبراز علاقة الرواية بالتاريخ، ومدى استفادة رواية ( رقصة الفلامنكو) من تاريخ الأوبئة لتربط الجسور بين الطاعون ووباء كورونا من خلال بطل الرواية عدنان الغرناطي الذي عايش كورونا ولسان الدين ابن الخطيب الذي عايش الطاعون في العصر المريني. وكيف ساهم الوباء في إعادة الاعتبار لقدوة الطبيب والمعلم والمخترع والمثقف…
القراءة الثانية بسط فيها الروائي والناقد ياسين كني قراءة ثقافية في الرواية، من خلال التركيز على مجموعة من الثنائيات: الماضي/الحاضر، الطاعون/كورونا، السلطة/المثقف، الروائي/المؤرخ، المغرب/الأندلس… ومقاربة بعض القضايا التي عالجتها الرواية ثقافيا، مع التركيز على الجانب التاريخي في الرواية ومحاولة البحث عن أجوبة لأسئلة مثل: لماذا يهرب الروائي العربي للنبش في الماضي وفي التراث؟
أما الشاعرة الدكتورة مثال الزيادي المتخصصة في الأدب الأندلسي فقد ركزت على التلاقح الثقافي بين المغرب والأندلس في الحاضر من خلال العلاقة التي جمعت عدنان الغرناطي بالباحثة الإسبانية أليخندرا وكيف انطلقت العلاقة صدفة بغرناطة حول شخصية ابن الخطيب، وتطورت في فاس لما حضرا معًا ندوة حول نفس الشخصية. علاقة تطورت بسرعة ولم يكدر صفوها سوى قدوم وباء كورونا… أو في الماضي من خلال الوقوف على سفريات ابن الخطيب بين العدوتين.
وقد أدار اللقاء باقتدار الكاتب والفاعل الثقافي شكيب عبد الرحمان، الذي كان يربط بين الفقرات، وبين كل قراءة وقراءة بسلاسة واحترافية. وكان الفنان الموسيقي جمال بوطاهر يشنف الحضور بأغاني ومقاطع موسيقية من الطرب الأصيل والتراث الموسيقي.
وفي كلمته شكر الروائي الكبير الداديسي كل المتدخلين والمتدخلات وجميع الحضور الذين كان بينهم من قدم من خارج مدينة آسفي قبل أن يقدم بعض الإضاءات التي رافقت كتابة الرواية، رافضًا أن تكون روايته تاريخية أو تأريخية، وإن متحت من لحظات تاريخية لبعض الأحداث والمواقف مقدما بعض التفاصيل حول مشروعه الثقافي في جانبه الإبداعي (الروائي) …
وللإشارة فإن رواية (رقصة الفلامنكو) للروائي الكبير الداديسي تحكي قصة عدنان الغرناطي، الأستاذ الجامعي الذي يدرس مادة التاريخ الوسيط والذي اعتاد التردد على زيارة المآثر التاريخية بالأندلس خاصة قصر الحمراء وحي البيازين. وفي آخر زيارة صادف عدنان الغرناطي الباحثة الإسبانية (أليخندرا) المهتمة بالأدب الأندلسي وبشخصية ابن الخطيب خاصة، أغرم بها وضربا موعدا لاستكشاف مختلف المآثر، لكنها أخلفت موعدها معه ليضطر إلى العودة للمغرب متلبسًا بالخيبة ومواصلة عمله بالجامعة، مسكونًا بأليخندرا وبشخصية ابن الخطيب، تطارده نكبات وإنجازات هذه الشخصية يقدمها لطلابه تارة مثلًا يحتدى به وتارة رمزا للنحس. وما إن توصل بدعوة للمشاركة في ندوة علمية بمدينة فاس حول ابن الخطيب وعلم بمشاركة أليخندرا ومؤرخين ومثقفين من غرناطة والمغرب، حتى قبل الدعوة دون تردد، وفي النفس رغبة في تجديد علاقتهما… يسافر إلى فاس قبل موعد اللقاء الثقافي… ويستغور مع أليخندرا التاريخ والآثار التي تردد عليها ابن الخطيب، ويجرفهما تيار الشهوة الحارق، لكن قدوم وباء كورونا أجهض الأحلام، ليعود الدكتور عدنان إلى بيته يجر ذيول الندم والخيبة، يلوم نفسه على خيانة زوجته، نادمًا على الذهاب للقاء لم يكتب له النجاح للمرة الثانية، معتقدا أن لعنة ابن الخطيب تطارده، ويزداد تأزما بعد نشر الإعلام تسجيل أولى حالات كورونا في مدينة فاس لسائحة أجنبية كانت نزيلة أحد الفنادق الفخمة، لتضع الرواية القارئ في أجواء تفاعل المغاربة مع بداية تغلغل هذا الوباء وهوس البطل من أن يكون حاملا للفيروس وخوفه من أن ينقله لعائلته الصغيرة. وتسافر الرواية بالقارئ في مقارنة بين الطاعون الذي ضرب المغرب في عهد ابن الخطيب وجائحة كورونا وتأثير الجائحتين القادمتين من الصين على البلاد والعباد والاقتصاد في الغرب الإسلامي. ودون سوداوية تفتح الرواية أملا في عودة الحياة لطبيعتها من خلال حفل زواج خالد صديق عدنان. وفي الحفل الذي أجلته جائحة كورونا يلوح طيف ابن الخطيب من جديد…
رواية( رقصة الفلامنكو) نبش في التاريخ بمعول الحاضر، رواية تمتح من التاريخ الأندلسي تستحضر شخصيات تاريخية كبيرة وتنفتح على الحاضر والمستقبل بلغة قورسطوية وأحداث معاصرة مشوقة متسلسلة تجمع بين العلوم والفنون القديمة والحديثة وترقص على إيقاع الفلامنكو الجامع بين التأزيم والفرح…
ليفتح بعد ذلك نقاش حول الرواية وتجربة الروائي الكبير الداديسي، وقد انتهى اللقاء بضرب موعد للجمهور مع مؤسسة القلم للفكر والثقافة في لقاء قادم يوم 21 يونيو 2024 حول تجربة سردية جديدة.
وهذا رابط يضم أهم لحظات أحداث الحفل