محمد أمكراز.. مرسوم عقد الشغل محدد المدة ضمانة لتوازن العلاقة الشغلية
أحمد رباص – دنا بريس
أجرى الموقع الإخباري (تيلكيل عربي) حوارا مع محمد أمكراز، وزير الشغل والادماج المهني، ونشره يومه الإثنين 3 غشت الحالي. في هذا الحوار تحدث أمكراز عن سياق وتفاصيل صدور مرسوم عقد الشغل محدد المدة، وقدم حصيلة عمل وزارته خلال فترة الطوارئ الصحية.
انطلقت هذه المقابلة بسؤال الضيف عن السياق الذي أندرج ضمنه إصدار مرسوم يحدد القطاعات والحالات الاستثنائية التي يمكن فيها إبرام عقد الشغل محدد المدة.
في البداية أكد الوزير على الأهمية القصوى التي يكتسيها هذا المرسوم الذي طال انتظاره منذ سنة 2004 وهو حدث استثنائي، شاكرا جميع من ساهم في اخراجه الى حيز الوجود بصيغته النهائية التي حاول كل المتدخلين من خلالها الحفاظ على التوازن في معادلة مصالح الأجراء والمشغلين.
في معرض جوابه، ذكر الوزير أن المصادقة على هذا المرسوم تندرج في إطار التجاوب مع مخرجات الحوار الاجتماعي بما فيها الاتفاق الثلاثي الموقع بتاريخ 25 أبريل 2019، وأن المصادقة إياها استدعاها تفعيل مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 16 من القانون رقم 65.99 الخاص بمدونة الشغل .
تم إعداد هذا المرسوم، يضيف مكراز، وفق مقاربة توافقية وتشاركية مع الشركاء الاجتماعيين حظيت بتوافق بين جميع الاطراف، وتجسدت في الصيغة النهائية للمرسوم التي أنطوت على إبداع واجتهاد استثنائيين. أما الهدف من هذا المسعى فقد حدده المتحدث في الحيلولة دوك ترك المجال لأطراف العلاقة الشغلية مفتوحا لبعض الممارسات التي قد تساهم في تكريس الهشاشة في الشغل في غياب أي نص قانوني ينظم تلك الممارسات وفي ظل قصور اتفاقيات الشغل الجماعية ذات الصلة.
جوابا عن السؤال الثاني حول ضمانات عدم استغلال هذا المرسوم للمس بحقوق الأجراء، قال الوزير إن المرسوم يروم توضيخ مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 16 من مدونة الشغل، و إلغاء إمكانية اللجوء إلى عقود الشغل المحددة المدة في مجالات وحالات غير مقننة حفاظا على استقرار العلاقة الشغلية وحماية لحقوق طرفيها.
في نفس السياق، أشار ضيف (تيلكيل عربي) إلى أن الحالات المنصوص عليها في هذا المرسوم محددة ومستقاة من مدونة الشغل وقوانين أخرى مماثلة، لاسيما المقتضيات المنصوص عليها في المادة الأولى من المرسوم التي جعلت من استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين عند وجودهم داخل المقاولة أساسا للجوء لبعض الحالات الواردة في المادة المذكورة.
وعند سؤاله عما إذا كان السماح بإبرام عقد الشغل لمدة سنة كاملة مكرسا للهشاشة الاجتماعية في صفوف الأجراء، أجاب أمكراز بان العقد غير محدد المدة هو الاصل في التعاقد المنظم للعلاقة الشغلية، انسجاما مع منطق مدونة الشغل. ولا تبرم عقود الشغل محددة المدة،يوضح أمكراز، إلا استثناءا طبقا للحالات المحددة في المادتين 16 و 17 من نفس المدونة وللحالات المحدة بالمرسوم موضوع هذا الحوار.
فضلا عن ذلك، يعتقد المتحدث أن المرسوم سوف يفصل بين هذبن النوعين من التعاقدات، بدل الفراغ التشريعي الذي فسح المجال لممارسات تعاقدية مخلة بالتوازن بين مصلحلتي الاجير والمشغل. كما يحدد الهدف من تدقيق الآجال في المرسوم، بخلاف الحالات المشمولة بالمادة 16، في ضبط هذا المجال بإحكام تفاديا لممارسات مناقضة لروح النص .
استيفاء لعناصر إجابته، أكد وزير الشغل أن تحديد أجل سنة في بعض الحالات الواردة في المرسوم هو تقدم كبير مقارنة مع مقتضيات المادة 16 نفسها والتي لم تحدد اي أجل في الحالات الثلاث التي أوردتها؛ الشيء الذي يجعل الإمكانية مفتوحة بحيث يكون المشغل في حل من أي التزام لا ينص عليه القانون. في هذا الإطار، أشار المتحدث إلى أن الوقوف عند أجل سنة ليس بجديد، بل يجد اساسه في مقتضيات المادة 17 من مدونة الشغل. من ذلك، خلص الضيف إلى نفي أية علاقة للمرسوم بالهشاشة، لأنه في نظره جاء لسد الفراغ القانوني المومئ إليه سلفا.
أما السؤال الرابع فقد انصب على مآلات الحوار الاجتماعي الذي باشره الوزير مع النقابات والاتحاد العام لمقاولات المغرب تزامنا مع جائحة فيروس كورونا. في جوابه ذكر الوزير بالحوار الاجتماعي كآلية أساسية ضمن مقاربة الحكومة في تدبيرها لمختلف الأوراش المتعلقة بإعداد وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية، حيث تعتني الحكومة بالحوار والتشاور، وذلك تفعيلا لمقتضيات الدستور خاصة الفصلين 8 و 13 منه.
كناطق باسم الحكومة، ادعى الوزير أنها احترمت التزاماتها الواردة في اتفاق 25 أبريل 2019، خاصة تفعيل اللجنة العليا للحوار الاجتماعي من خلال عقد اجتماعين برئاسة رئيس الحكومة بتاريخ 30 مارس و30 ماي 2020 خصصا لمناقشة تداعيات وآثار جائحة كوفيد-19 على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
في حدود مسؤوليته كوزير للشغل، ذكر انه ترأس في 24 يونيو الماضي جولة تمهيدية خاصة ببحث تدابير تخفيف إجراءات الطوارئ الصحية واستئناف النشاط الاقتصادي للمقاولات، ودراسة مطالب واقتراحات المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا، والمنظمات المهنية للمشغلين، ذات الصلة بموضوع هذه الجولة.
وبحسب المتحدث، عرف هذا الاجتماع مشاركة مهمة لجميع الشركاء الاجتماعيين، حيث انصب النقاش حول منهجية إدارة هذه الجولة من الحوار. وعلى مستوى رئاسة الحكومة، يخبرنا بانعقاد جلسة أخرى للحوار بتاريخ 10 يوليوز 2020 خصصت لمناقشة الشروط الكفيلة بإنعاش الاقتصاد الوطني عبر استئناف العمل بالمقاولات مع ضمان تنافسيتها والحفاظ على مناصب الشغل بها وحماية حقوق الأجراء.
في إطار السؤال الخامس، طلب من المسؤول الحكومي ان يتحدث عن حصيلة عمل مفتشي الشغل خلال فترة جائحة كورونا. بهذا الصدد قال أمكراز إن وزارته تتبعت ظروف عمل العاملين بالمؤسسات التي تأثرت بهذه الأزمة، وذلك للوقوف على التدابير الاحترازية الموضوعة لهذا الغرض من طرف السلطات المختصة.
وهكذا، قامت وزارة الشغل والادماج المهني طيلة مرحلة الحجر الصحي بتأطير عمل مفتشية الشغل من خلال إصدارها للعديد من الدوريات والمذكرات التوجيهية ومجموعة من الدلائل والبروتوكولات التي تتلاءم مع مراحل تطور هذا الوباء ببلادنا، وفقا للوزير.
إلى ذلك، أضاف ان جهود اعوان تفتيش الشغل انصبت على التحسيس والتوعية من المخاطر الناجمة عن هذا الفيروس وضرورة اتخاذ الإجراءات الاحترازية التي أقرتها السلطات العمومية، حيث بلغ عدد المؤسسات التي تمت مواكبتها بالنصح والإرشاد والتحسيس من طرف مفتشي الشغل حول التدابير الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا، خلال الفترة الممتدة من 13 مارس إلى 14 أبريل 2020، مامجموعه 6.761 مؤسسة.
كما تم إحداث لجان إقليمية ابتداءا مز 15 ابريل للوقوف على مدى احترام المقاولات التي استمرت تعمل أو تلك التي استأنفت نشاطها للإجراءات الاحترازية والوقائية المتخذة للتصدي لهذا الوباء. وذكر امكراز ان هذه اللجان اعتمدت في عملها على أهم التدابير المتضمنة في المسطرة المعدة بين وزارة الشغل والإدماج المهني ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي.
وبلغ عدد المؤسسات التي نظمت لها زيارات ميدانية من طرف تلك اللجان الاقليمية المشتركة بين مصالح وزارة الداخلية ووزارة الشغل والإدماج المهني ووزارة الصحة والصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، وكذا من طرف أعوان تفتيش الشغل، خلال الفترة الممتدة من 15 أبريل إلى 23يوليوز 2020، ما مجموعه 31.894 مؤسسة.
وقد أسفرت الزيارات الميدانية الي قامت بها اللجان المشتركة، واللجان الإقليمية المختلطة، وكذا أعوان تفتيش الشغل، عن التحقق مما مجموعه 356.101 تدبيرا، 301.689 منها تم احترامها من قبل المقاولات التي تمت مراقبتها، و54.412 تدبيرا لم يتم احترامها.
جوابا عن السؤال الأخير المتعلق بالإجراءات التي ستتخذ لمحاصرة فيروس كورونا بعد ملاحظة اتساع رقعة البؤر المهنية في الآونة الأخيرة، ذكر الوزير بأن السلطات العمومية اتخذت عدة تدابير احترازية للحد من انتشار فيروس كورونا، كما اعدت العديد من الدعامات البيداغوجية التي من شأنها أن تساعد أجهزة المراقبة على القيام بعملها على الوجه المطلوب .
وللوقوف على مدى احترام المؤسسات العمومية للإجراءات الاحترازية – يتابع المتحدث – قام أعوان تفتيش الشغل بشكل فردي أو في اطار لجان مشتركة تضم الداخلية والصحة والصناعة والتجارة بعمل جبار، وما بدل على ذلك هو عدد تلزيارت للمؤسسات خلال فترة الحجر الصحي.
وفي نظر هذا المسؤول، يجد اتساع رقعة البؤر المهنية في الآونة الأخيرة تفسيره من جهة في توسيع نطاق الفحوصات المنجزة والتي تتم بشكل استباقي وقبل ظهور اعراض المرض على الأجراء، ومن جهة أخرى الى قرار الحكومة بتخفيف إجراءات الحجر الصحي لإنعاش الاقتصاد الوطني. وقد ترتب عن هذا القرار الغاء القيود على تحركات المواطنين والأجراء مما سمح للفيروس بالانتشار من جديد في ظل مظاهر التراخي وعدم تقيد المواطنين بتدابير الحجر الصحي.
لكن هذا لا يمنع اللجان الاقليمية من التدخل بصرامة اثناء مراقبة فضاءات العمل ووصل الأمر في الكثير من الحالات إلى إصدار قرارات بإغلاق المؤسسات ولا يسمح بإعادة فتحها إلا بعد توفير جميع شروط السلامة داخل فضاءاتها، بحسب الوزير.
وفضلا عن ذلك، يذكر الوزير محاوره بإحالة ملفي لالة ميمونة وآسفي على القضاء بعد ان اتضح أن هناك أخطاء تستوجب المساءلة القانونية . غير أنه يشير الى ان المعركة ضد كورونا هي معركة طويلة وتتطلب وعيا جماعيا بالمخاطر الناجمة عن هذا الفيروس سواء في البعد الاجتماعي أو الاقتصادي او على مستوى الأمن الصحي .لذا فان التقييد بالتدابير المتخذة من قبل السلطات العمومية امر لا محيد عنه وهو السلاح الوحيد الى حدود الساعة في المعركة ضد هذا الوباء، يختم وزير الشغل والإدماج المهني.