التهنئة الملكية تغيب عن تونس في عيد استقلالها
هيئة تحرير دنا بريس
في خطوة لافتة تحمل أبعادًا دبلوماسية، امتنع الديوان الملكي المغربي هذا العام عن تهنئة تونس بمناسبة عيد استقلالها، الذي يصادف 20 مارس، منهياً بذلك تقليدًا استمر قرابة سبعة عقود. هذا الغياب غير المعتاد، في الذكرى الـ69 للاستقلال، يطرح تساؤلات حول دلالاته السياسية ورسائله الدبلوماسية، خاصة في ظل التطورات التي تشهدها العلاقات بين البلدين.
عرف عن المملكة العلوية الشريفة، ثباتها على الأعراف الدبلوماسية ونهجها القائم على الحكمة وحسن الجوار، لم يسبق لها أن تخلفت عن تقديم التهاني الرسمية لتونس في هذه المناسبة، لا سيما خلال فترة حكم صاحب الجلالة الملك محمد السادس. غير أن هذا الغياب اللافت هذا العام يطرح تساؤلات عدة حول خلفياته ومغزاه.
ويرى مراقبون؛ أن هذا الموقف يعكس توترًا صامتًا بين الرباط وتونس، في ظل مواقف اعتبرها المغرل انحيازا لمحور سياسي معين في المنطقة. فقد شكل استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد لزعيم جبهة “البوليساريو” الانفصالية عام 2022 نقطة تحول في العلاقات الثنائية، ما اعتُبره المغرب تجاوزًا للثوابت المغربية في ما يخص وحدته الترابية. ورغم انتظار الرباط لمراجعة تونس لهذا الموقف، إلا أن المؤشرات لم تُظهر تغيرًا يذكر، بل تعزز التقارب بين تونس والجزائر على حساب توازن الدبلوماسية المغربية – التونسية.
في هذا السياق، يبدو أن المغرب اختار إرسال رسالة دبلوماسية واضحة، دون تصعيد إعلامي أو سياسي، مفادها أن احترام الثوابت المغربية يظل شرطًا أساسيًا للعلاقات الثنائية. فهل تعيد تونس النظر في مواقفها تجاه القضايا الجوهرية للمغرب، أم أن غياب التهنئة سيكون بداية لمرحلة جديدة من البرود في العلاقات بين البلدين؟
يشار أن العلاقات المغربية التونسية تمتد لعقود طويلة، تعززها روابط تاريخية وجغرافية وثقافية مشتركة. منذ استقلال تونس عام 1956، ساد التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، مستندًا إلى وحدة المصير والتقارب السياسي، خاصة خلال مرحلة بناء الدولة الوطنية. وقد شهدت العلاقات محطات من التنسيق، سواء داخل الاتحاد المغاربي أو في إطار القضايا العربية والإفريقية، حيث كان البلدان يدعمان بعضهما في المحافل الدولية، مع الحفاظ على مصالحهما المشتركة.
رغم هذا الإرث المشترك، عرفت العلاقات بين الرباط وتونس بعض الفتور في فترات معينة، لا سيما على خلفية مواقف تونسية لم تكن منسجمة مع الثوابت المغربية، خصوصًا فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية. وقد برز ذلك بشكل واضح في السنوات الأخيرة مع تقارب تونس والجزائر، واستقبال الرئيس التونسي قيس سعيد لزعيم جبهة “البوليساريو” عام 2022، مما أدى إلى توتر دبلوماسي بين البلدين. ومع ذلك، يظل المغرب حريصًا على علاقات متينة مع تونس، في انتظار مراجعة الأخيرة لنهجها السياسي الخارجي، بما يراعي التوازن والمصالح المشتركة.