الرائدة في صحافة الموبايل

بعد رحيل بنعيسى.. حاتم البطيوي يحمل مشعل منتدى أصيلة

عندما انطفأت شمعة محمد بن عيسى يوم 28 فبراير المنصرم، لم تكن أصيلة قد فقدت مجرد شخصية سياسية بارزة، بل فقدت رمزًا نقش اسمه في وجدان المدينة كما في ذاكرة المشهد الثقافي العربي والدولي. فعلى مدى عقود، كان معالي وزير الخارجية الأسبق محمد بن عيسى الوجه الذي لا ينفصل عن مواسم أصيلة الثقافية، والمهندس الذي صاغ هوية المنتدى وجعله فضاءً فكريًا وفنيًا وقاده نحو العالمية. والذي برحيله، طرح السؤال وبشدة، من سيخلف هذه القامة السامقة ومن سيحمل هذا الإرث؟

ليأتي الجواب من داخل أروقة المؤسسة، حيث شهد الجمع العام الاستثنائي انتخاب الصحافي والكاتب حاتم البطيوي أمينًا عامًا لمؤسسة منتدى أصيلة، ليكون خلفًا للرجل الذي صنع هذا الحدث الثقافي الاستثنائي “منتدى أصيلة”. واختيار البطيوي لم يكن وليد اللحظة، بل امتداد لمسار طويل في العمل الإعلامي والثقافي، وعلاقته العميقة بالمؤسسة منذ أن انخرط في “جمعية المحيط الثقافية”، عام 1979، وهي الجمعية التي أصبح اسمهما لاحقـا مؤسسة منتدى أصيلة، قبل أن يصبح مكلفا بالعلاقات مع الإعلام فيها وأحد المساهمين الرئيسيين في تدبير الفعاليات
الثقافية والفنية.

ووفقا لبيان صحافي توصل به موقع دنا بريس، فقد تم الإعلان خلال الجمع العام عن تفاصيل الدورة 46، التي ستنظم على ثلاث مراحل، تبدأ بدورة ربيعية مخصصة للفنون التشكيلية من 5 إلى 20 أبريل، وتشمل معارض وورشات فنية يشارك فيها فنانون من المغرب والخارج، تليها دورة صيفية تحتفي بفن الجداريات وتمتد من يونيو إلى يوليوز، وتشمل إلى جانب ذلك مشغل مواهب الموسم ومشغل التعبير الأدبي وكتابة الطفل، ثم دورة خريفية مخصصة للندوات الفكرية، تمتد من شتنبر إلى أكتوبر، ما يعكس استمرار روح المنتدى في ديناميته الثقافية رغم التحولات التي شهدها.

يشار أن حاتم البطيوي، ابن مدينة أصيلة، هو صحافي وكاتب بارز، وُلد في فاتح يونيو 1966. حصل على إجازة في العلوم السياسية من جامعة محمد الخامس بالرباط عام 1989. بدأ مسيرته المهنية في جريدة “الشرق الأوسط”، حيث عمل صحافيًا متدربًا في مقرها بلندن بين عامي 1989 و1990، ثم مراسلاً للصحيفة في الرباط حتى عام 1996. لينتقل إلى المقر المركزي للجريدة في لندن، ويظل هناك حتى عام 2004، حيث عُيّن مديرًا لمكتب الشركة السعودية للأبحاث والنشر ومسؤول تحرير “الشرق الأوسط” في الرباط. وفي عام 2009، عاد مجددًا إلى لندن ليشغل منصب محرر شؤون المغرب العربي، ثم رئيسًا للقسم السياسي، وممثلًا رسميًا غير مقيم للجريدة في المغرب حتى عام 2014، قبل أن يعود لإدارة مكتب الرباط.

وفي عام 2014، وشّحه الملك محمد السادس بوسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط، تقديرًا لإسهاماته في مجال الصحافة. كما أصدر كتابًا بعنوان “نصف قرن تحت مجهر السياسة”، وهو مذكرات المستشار الملكي الراحل عبد الهادي بوطالب، والتي نُشرت سابقًا في شكل حوارات بصحيفة “الشرق الأوسط”.

اليوم، يجد البطيوي نفسه أمام تحدٍّ مزدوج: الوفاء لإرث بن عيسى من جهة، ومن جهة أخرى، وضع بصمة جديدة في مؤسسة تحمل ذاكرة مدينة بأكملها. فكيف سيتعامل البطيوي مع هذا الإرث؟ وكيف ستبدو مواسم أصيلة في ظل قيادته؟ الأيام القليلة المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد