دنا بريس – كريم محمد الجمال
تعد مكتبة الإسكندرية منارة الثقافة والعلم والأدب في المدينة العريقة الجميلة، تمثل المكتبة بعمقها التاريخي صرح ثقافي متوسطي. وتحتوى المكتبة على متحف للآثار يقوم على إدارته الأثري والروائي د. حسين عبد البصير، الذي اصطحب “دنا بريس” في جولة داخل المتحف المميز.
يحتوى المتحف على عدة أقسام تبعا لتاريخ الإسكندرية ومصر المميز والممتد، قسم الاثار المصرية القديمة ثم قسم الآثار اليونانية الرومانية ثم الآثار القبطية والآثار الإسلامية.
وأهم ما يميز قسم الاثار المصرية القديمة نماذج لمومياوات وبعض الآنية الفخارية وتماثيل بشرية وحيوانية مثل تمثال الكاتب المصري، الجالس الشهير، و قرد “البابون” الرباح، بحسب مجلة “ساينتفيك امريكان” فإن المصريين القدماء كانوا يسترودونها ويبجلون تلك الحيوانات الحكيمة على إنها تجسيد للإله تحوت إله القمر والحكمة ومستشار رع إله الشمس، كذلك يوجد بالمتحف نموذج لطائر “أبو منجل” الافريقي الذي قدسه المصريون القدماء واعتبروه رمزا للإله تحوت.
وبالنسبة للقسم اليوناني الروماني توجد آثار مميزة مثل رأس الإله “سيرابيس” و لوحة كبيرة كاملة من “الفسيفساء”.
ومن أهم المعروضات في القسم القبطي حامل خشبي بديع الزخارف للكتاب المقدس. وفي القسم الإسلامي بعض المقتنيات من العصر المملوكي والعثماني. كما يوجد قسم للآثار الغارقة وبعض الآثار من موقع المكتبة القديم قبل البناء.
المتحف تم تأسيسه عام 2001 بهدف نشر الوعي الثقافي لدى النشء، وذلك من خلال مجموعة متنوعة من الأنشطة التعليمية.
كما تم ربط المتحف عبر شبكة الإنترنت من خلال قاعدة بيانات متكاملة للقطع الأثرية، ويعمل الموقع بعدة لغات منها الانجليزية، الإيطالية، الألمانية، الإسبانية، اليونانية، الفارسية، التركية، اليابانية، الروسية والدنماركية والسويدية.
وأوضح مدير المتحف، د. حسين عبد البصير، في تصريح حصري لموقعنا “دنا بريس ” أن الفترة التاريخية المصرية القديمة بتوحيد مصر العليا والسفلى في حوالي عام 3100 ق.م. وقد استمرت هذه الحقبة ما يقرب من ثلاثة آلاف عام ازدهرت على مدارها جوانب شتى في الفنون والعلوم، واستعرض تمثال لإيزيس وهي ترضع “حربوقراط” كمثال للأعمال الفنية في هذه الحقبة.
ويرتبط بهذه الحقبة قسم “الحياة في العالم الآخر” والمرتبط بالإيمان المصري القديم بالبعث والخلود. مشيرا إإلى أن هذا الاعتقاد امتد إلى العنصر الهلنستي “اليوناني” والروماني، واستعرض تطور مراحل التحنيط والشعائر الجنائزية.
وفيما يخص قيمة الإسكندرية الكبرى كعاصمة سياسية وثقافية وحضارية في العصر اليوناني ثم الروماني أكد د. عبد البصير على أهمية المدينة في هذه الفترة من العالم القديم وارتباطها بالبحر المتوسط، وازدهارها بخصوص في العهد البطلمي، ولقب البطالمة نسبة لبطليموس أحد ابرز قادة الاسكندر الاكبر. وسلط الضوء على قيمة مكتبة الإسكندرية القديمة بوجود تمثال لسقراط الفيلسوف اليوناني الشهير.
وبخصوص الاثار البيزنطية فتوضح الآثار في المتحف مراحل تطور الديانة المسيحية في مصر منذ القرن الأول الميلادي على يد القديس مرقس الرسول ثم عصور الاضطهاد المسيحي على يد الوثنيين ثم دخول الامبراطور قسطنطين في المسيحية.
ويقوم الفن القبطي على ايقونات وتصوير القديسين، ويتم تصوير الأشخاص في بعدين اثنين مع تجاهل البعد الثالث. ويستخدم الفن القبطي أيضًا بعض الأشكال الهندسية في الزخرفة؛ والتي لها مدلول رمزي يرتبط بالعقيدة مثل المثلث الذي يرمز للثالوث القدوس. بالإضافة إلى ذلك اتخذ الفن القبطي بعض الصور الحيوانية مثل السمكة، وكذلك بعض العناصر النباتية كأغصان الكرمة.
وفي قسم الآثار الإسلامية بعض التحف البديعة مثل ساعة رملية، ومشكاة خشبية مزخرفة من العصر المملوكي، وبعض قطع السجاد المنسوج يدوياً بالإضافة إلى قطع عليها خشبية خزفية ومعدنية عليها زخارف إسلامية من عصور متعددة. كما توجد في المتحف مجموعة متنوعة من الآثار الغارقة المميزة تعود للعصر الروماني.
و قد أبرز د. عبد البصير بعض الأنشطة الثقافية التي يستضيفها المتحف مثل معرض كنوز “تابوزيريس ماجنا” وهو أحد أهم المواقع الأثرية بمصر،و يقع على بُعد نحو 47 كيلومترًا غرب الإسكندرية، ويعد أحد أهم المراكز الدينية في العصور القديمة. ويعود تاريخه إلى العصر البطلمي، ويضم معبدًا يُعتقد أنه كان مخصصًا لعبادة الإلهة إيزيس، بالإضافة إلى جبانة تضم عدد من المقابر المنحوتة في الصخر، وبها مومياوات يُرجح أنها لشخصيات مهمة، كما يضم الموقع فنارًا يحاكي فنار الإسكندرية القديم.
ويجد رواد المتحف من جميع الجنسيات متعة كبيرة للتعرف على تاريخ مصر والإسكندرية بشكل خاص في هذه الجولة الأثرية والتاريخية المميزة.