الرائدة في صحافة الموبايل

التقارب الجزائري الأمريكي يكشف أزمات حادة في نظام “الكابرانات”

تستمد الأنظمة الشعبوية ذات الخطابات الديماغوجية شرعيتها ومكتسباتها من خلق عداوات خارجية، وليس من مواقف ذاتية تستند إلى إنجازات داخلية حقيقية. إذ يعتمد نظام هش وأجوف مثل النظام الجزائري على بروباغندا معادية للغرب وشعارات مناهضة للقوى الدولية، متسترًا خلف مزاعم “مناصرة المظلومين والشعوب المقهورة”، في حين يفتقر إلى أسس الحكم الرشيد القائمة على المؤسسات وسيادة القانون.

وفي الواقع، تؤكد الإحصائيات والأرقام والوقائع أن الشعب الجزائري يواجه أزمات عميقة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلًا عن انتهاكات حقوق الإنسان، وتراجع الحريات، وهيمنة القبضة الأمنية التي تعزز مناخ القمع وتقييد الحق في التعبير.

فإعلام النظام يروّج لنفسه من خلال ادعاء الوقوف ضد “أمريكا” والهيمنة الغربية، حيث يتم تعليق كل فشل وفساد وسوء إدارة على شماعة “المؤامرات الخارجية”، دون أي حديث عن جهود الدولة في حل مشكلات المواطنين، بحجة أن الحكومة منشغلة بالتصدي لمخططات الغرب ورفض الخضوع لأمريكا، وفقًا للرواية والمزاعم الخارجية.

وبالاخذ في الاعتبار التقارب الغربي ” أمريكا وفرنسا وإسبانيا وبلجيكا وغيرها” مع المغرب، وازدياد موثوقية العالم في المغرب كحليف يسعى للأمن والاستقرار والتنمية يضع النظام الجزائري في موقف حرج أكثر من ذي قبل، وأكبر دليل على ذلك الدول التي اعترفت بالصحراء المغربية وسحبت اعترافها بعصابة البوليساريو.

ولذلك اعتاد النظام الجزائري تسويق اتجاهه الشرقي وحلفه مع روسيا والصين، وتصريح “تبون” الشهير “نمثل لافريقيا ما تمثله الصين للعالم” يظهر هذا التوجه بوضوح، ولكنه تلاشى في الحقيقة بعد عدم قبول عضوية الجزائر في مجموعة “بريكس”.

وبكل تأكيد يعاني النظام الجزائري أزمة كبيرة، بل بالأحرى ازمة وجودية، مع وجود معارضين ووسائل للتواصل الاجتماعي، فما كان يتم إخفاؤه بالأمس لم يعد ممكناً السيطرة عليه اليوم. ازدياد موجات الغضب الشعبي بالإضافة إلى أزمة سعر صرف الدينار أمام اليورو والدولار. كل هذه الازمات مع تردي الصحة والتعليم لم يتم تقديم أي حلول لمواجهتها فقط خطابات عنترية جوفاء موجهة ضد أمريكا وفرنسا والمغرب.

ولذلك فإن أي رغبة للجزائر في التقارب مع أمريكا تأتي لإخراجها من عزلتها وانتشالها من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية على الرغم من هذه البروباغندا والادعاءات السابقة.

ولكن هذا التقارب لن يكون بلا ثمن، فلا بد أن تقدم الجزائر ضمانات كافية وحقيقية للإدارة الأمريكية الجديدة بحسن نيتها، والجدية في القيام بإصلاحات على مستوى النظام وسياسته ودعمه لملفات معينة تتقدمها الصحراء المغربية، والعلاقة مع إيران، ودعم جماعات التمرد والتدخلات لزعزعة استقرار دول الجوار مثل مالي وبوركينا فاسو وموريتانيا وليبيا.

كما أن سلوك النظام الجزائري المزعج يمتد للجاليات في الغرب، وآخر مثال ما حدث من تحريض في فرنسا على القتل والحرق، واستخدام النفط والغاز كورقة ضغط سياسية.

وربما تحتاج الجزائر مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية فعلا في ملف محاربة الإرهاب والتشدد، ليس فقط تنظيم “داعش” الإرهابي المنتشر في إفريقيا جنوب الصحراء، بل المجتمع الجزائري.. فهناك رصد لازدياد حالات المنضمين لتنظيمات متشددة ومتطرفة، كما أن المزاج الشعبي العام أو “التدين الشعبي” الجزائري صار وهابيا وأقرب لأفكار القاعدة العنيفة المتطرفة.

ولذلك فإن هذا التقارب، إن حدث كما يسوق إعلام النظام، فإنه يعكس أزمات خطيرة وتصدعات داخل النظام وربما لن يستطيع النظام اتخاذ الإجراءات الإصلاحية المناسبة أو إقناع شعبه بضرورة ذلك.

وقد يستمر الإعلام في تضليل المغيبين وعديمي الوعي داخليا، لكن لن يتمكن من فعل ذلك أمام الملفات الخارجية وأولها التخلص من عبء عصابة البوليساريو، وأهمها إعادة العلاقات مع المغرب بشكل عادل ونزيه، وإصلاح ما أفسدته سياساتهم الفاشلة في فرنسا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد