الرائدة في صحافة الموبايل

“الموريتاني”.. أحد صور العدالة الأمريكية الغائبة

نشر الموريتاني محمدو ولد صلاحي، المسجون السابق في غوانتانامو، في بداية عام 2015، كتابا عن الفظائع التي تعرض لها أثناء احتجازه في المعتقل، والكتاب تحت عنوان “يوميات غوانتانامو” ذكر فيها رحلته التي بدأت في موريتانيا موطنه ومرت بالأردن وأفغانستان قبل أن يُنقل إلى كوبا، وما صاحبها من عمليات تحقيق وكذلك انتهاكات.

ويروي صلاحي إحدى طرق تعذيبه بالقول إنه سُحب من مياه البحر إلى داخل قارب وأرغم على شرب كميات من المياه العذبة قبل وضع الكثير من مكعبات من الثلج في ملابسه في حين كان أحد الحراس ينهال عليه بالضرب على وجهه، مضيفا أن أيامه في المعتقل كانت عبارة عن تجارب صعبة من العزل والتقييد على أرض الزنزانة بوضعيات مؤلمة وترك السجناء يتعرضون لظروف مناخية صعبة وحرمانهم من النوم والطعام.

ويضيف صلاحي وهو مهندس إلكترونيات يبلغ من العمر 44 سنة، والمسجون في غوانتانامو منذ عام 2002 بتهمة الانتماء إلى تنظيم القاعدة وتجنيد ثلاثة من المشاركين بهجمات 11 سبتمبر، إنه تعرض للكثير من الضرب على يد المحققين بحيث كان “يرتجف كمرضى باركنسون” متهما أحد المحققين بأنه كان قاسيا لدرجة تدل على أنه كان “ينفذ حكما بالإعدام البطيء.”

والمثير للدهشة والريبة أيضاً أن القضاء لم يوجه اتهامات رسمية لولد صلاحي الذي أقر بسفره إلى أفغانستان للقتال فيها مطلع العقد التاسع من القرن الماضي ضد القوات السوفيتية، وانضم إلى القاعدة عام 1991 إلا أنه تركها بعد فترة قصيرة، مما يعطي انطباعاً سيئاً عن طريقة وأساليب الاحتجاز الذي اتبعتها المخابرات الأمريكية، وكذلك عن مدى دقة التحريات والبحث، وهذا ما أكده محامي ولد صلاحي إن ملفه لا توجد فيه إلا أدلة بسيطة ضد موكله.

كتاب “يوميات غوانتانامو” هو العمل الأول من نوعه، لأن مؤلف الكتاب كان وقتها مازال سجيناً خلف القضبان، وقد كتبه صلاحي في زنزانته عام 2005 بخط اليد، واحتاج محاميه إلى سبعة أعوام من المفاوضات قبل أن يحصل على موافقة لنشره بعد عناء طويل، وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد قررت حذف بعض المقاطع من شهادات صلاحي قبل نشره بعد الموافقة الأمنية.

ويكتب صلاحي عن وسائل التعذيب التي استخدمت معه خلال فترة الاستجواب قائلا: “كانت الأيام تمر دون أن أشعر بها.. أوقاتي كانت عبارة عن ظلام مجنون ومستمر.. كنت أُحرم من الطعام لفترات طويلة ثم أُمنح كميات كبيرة من الأكل لكن دون إعطائي الوقت لتناولها.. الحارس يقول لي: لديك ثلاث دقائق للأكل.. ثم يسحب مني الصحن بعد 30 ثانية.. ظننت أنهم سيعدمونني، ضُربت لدرجة لم أعد أقدر معها على الوقوف” مضيفا أنه عندها قدم اعترافات مزيفة خوفاً على حياته من قسوة التعذيب.

وكانت قصة محمدو ولد صلاحي قد تحولت لفيلم سينمائي بعنوان الموريتاني.

انهلأول مرة محقق سابق في غوانتانامو يقرّ بممارسة التعذيب ويلتقي ضحيته

للمرة الأولى يقرّ محقق أمريكي سابق بتعذيب معتقلٍ في غوانتانامو. وبعد سنوات يلتقي الجلاد المعروف بـ”مستر إكس” بالمعتقل السابق كاشفاً الكثير من تفاصيل عمليات الاستجواب التي تمت داخل المعتقل، في سلسلة تحقيقات أجراها صحفيون ألمان بمناسبة ذكرى هجمات 11 من سبتمبر. جاء فيها : “ما فعلته كان تعذيبا بلا شك وبنسبة مئة في المائة” هكذا أقرّ عسكري أمريكي سابق بممارسة التعذيب في غوانتانامو الأمريكي،

وكان المحقق الذي أطلق عليه التحقيق الصحفي الألماني اسم “مستر إكس”، ضمن فريق تولى مهمة استجواب المعتقل محمدو ولد صلاحي في صيف عام 2003، والذي كانت الولايات المتحدة تشتبه في قيامه بتجنيد طيارين شاركوا في هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر في الولايات المتحدة.

واعترف “مستر إكس” الذي أبقى الصحفيون الألمان هويته سرية بتعذيب وإساءة معاملة ولد صلاحي بعدة أساليب مثل الإجبار على الوقوف منحنياً لساعات طويلة، وتعريضه لأصوات وضوضاء عالية، أو أضواء قوية لا يمكن تحملها، وتعريضه للحرارة والبرودة بالإضافة تهديده بالعنف الجسدي.

وأضاف المحقق الأمريكي: “مخاوفه (صلاحي) كانت كبيرة، ربما اعتقد أنه على وشك أن يقتل”.

هذه الطريقة في السلوك العدواني نحو الأبرياء تعكس الشعور بالفوقية في مخيلة صانع القرار الأمريكي، فلا أحد يستطيع أن يحاسبهم، وبعض الجنود أو الضباط هم مجرد أدوات، وهؤلاء المعتقلين ما هم إلا نماذج للشعوب التي تريد أمريكا أن تحطمها وتجهلها في تبعيتها وإلا سيفعلون فيهم مثل سجناء جوانتانامو وأبو غريب، أو بدعم الإرهاب أو بالاحتلال العسكري والهجوم بكل الأسلحة الفتاكة.

صلاحي سرد في المقابلة مع الصحافة الألمانية تفاصيل ما حدث له من تعذيب وجرائم، وقال الرجل البالغ من العمر اليوم 51 عاما والذي قضى 17 عاما من المعتقل، إن أحد الأشخاص كاد أن يقتله مرتين، هذا الشخص كان يصب الماء البارد على رأسه بشكل مستمر من أجل إجباره على الاعتراف.

وأضاف صلاحي: “كانوا يريدوني أن أدلي باعترافات لكن حتى ذلك لم يكن ممكنًا، فلم يكن بوسعي الكلام بسبب البرودة الشديدة”.
وحضر صحفيو “إن دي إر” و “دي تسايت” لقاء الفيديو الذي جمع بين صلاحي و”مستر إكس” بعد 17 عاما على ما دار بينهما في المعتقل. ووفقا للتقرير الصحفي الألماني ، فقد قال “مستر إكس” لصلاحي: ” مازلت على قناعة بأنك عدو للولايات المتحدة لكن ما فعلناه معك كان خاطئا بلا شك، لا يستحق أي شخص هذه المعاملة”.

وكشف “مستر إكس” عن معاناته النفسية بعد مهمته في جوانتانامو وأوضح: “أكره بلدي لأنها جعلت مني هذا الوحش” ليرد عليه صلاحي: “أسامحك كما سامحت كل من تسببوا لي في الألم”.
وقضى صلاحي المولود في موريتانيا، 14 عاما في معتقل غوانتانامو بكوبا دون أي إجراءات قضائية. وبعد إطلاق سراحه في عام 2016 أصدر صلاحي كتابه “يوميات غوانتانامو” الذي يحكي فيه تفاصيل احتجازه في المعتقل الأمريكي وما تعرض له بداخله. ويشار أن صلاحي حصل عام 1988 على منحة دراسية في ألمانيا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد