الرائدة في صحافة الموبايل

بروفايل.. المهدي المنجرة عقلية مغربية أذهلت العالم

يعدُّ المهدي المنجرة واحدًا من أهم الاقتصاديين وعلماء الاجتماع في المغرب، متخصص في مجال الدراسات المستقبلية، وقد كان واحدًا من أكبر المراجع الدولية والعربية في الدراسات المستقبلية والعلاقات الدولية والقضايا السياسية، وشغل العديد من المناصب المرموقة في اليونسكو ومنظمة الأمم المتحدة والعديد من الجامعات الدولية حول العالم.

ولد المهدي المنجرة في 13 من شهر يناير عام 1933م، في حي مراسا في مدينة الرباط، وتعود أصول أسرتها إلى السعديين، وكان والده واحدًا من التجار المغاربة المعروفين، وكان مهتمًا بالعلوم المستقبلية، ولذلك أسس عام 1924م أول نادي عربي في طيران، ونشأ المهدي في بيت علم تطبعه القيم السامية والمسلمة والدعوة إلى الإصلاح.

وكان لجلالة الملك الحسن الثاني بعد نظر وبصيرة فقد توسم في المهدي المنجرة كفاءة وواجهة وطموح للمغرب الذي يطمح ويسعى جلالته لبنائه على لا سيما حين يتعلق الأمر بتعيين المهدي المنجرة على رأس مؤسسة من حجم دار الإذاعة التي عين على رأسها وعمره لا يتجاوز 25 سنة، وأيضا أثناء تأسيس رابطة لحقوق الإنسان بالمغرب، بعد فترة طويلة من تصلب الحكومة في القبول بمعالجة ملف الحريات وحقوق الإنسان.

وبالنسبة للمستوى الأكاديمي الدولي فالقائمة تطول عند الحديث عن المهدي المنجرة، حيث عمل مستشارًا أولًا في الوفد الدائم للمغرب بهيئة الأمم المتحدة بين عامي 1958 و 1959، وأستاذًا محاضرًا وباحثًا بمركز الدراسات التابع لجامعة لندن (1970). اختير للتدريس في عدة جامعات دولية (فرنسا وإنكلترا وهولندا وإيطاليا واليابان)، وشغل باليونسكو مناصب قيادية عديدة (1961-1979). هو خبير خاص للأمم المتحدة للسنة الدولية للمعاقين (1980-1981)، ومستشار مدير مكتب العلاقات بين الحكومات للمعلومات بروما (1981-1985)، ومستشار الأمين العام للأمم المتحدة لمحاربة استهلاك المخدرات. كما أسهم في تأسيس أول أكاديمية لعلم المستقبليات، وتَرأّّسَ بين 1977 – 1981 الاتحاد العالمي للدراسات المستقبلية. وهو عضو في أكاديمية المملكة المغربية، والأكاديمية الإفريقية للعلوم والأكاديمية العالمية للفنون والآداب، وتولى رئاسة لجان وضع مخططات تعليمية لعدة دول أوروبية. حاز على العديد من الجوائز الدولية والوطنية، من بينها وسام الشمس المشرقة التي منحها له إمبراطور اليابان. يتمحور فكر المنجرة حول تحرّر الجنوب من هيمنة الشمال عن طريق التنمية وذلك من خلال محاربة الأمية ودعم البحث العلمي واستعمال اللغة الأم، إلى جانب دفاعه عن قضايا الشعوب المقهورة وحرياتها، ومناهضته للصهيونية ورفضه للتطبيع، وسخر المنجرة كتاباته ضد ما أسماه بـ«العولمة الجشعة». وألّف المهدي المنجرة العديد من الدراسات في العلوم الاقتصادية والسوسيولوجيا وقضايا التنمية، أبرزها «نظام الأمم المتحدة» (1973) و«من المهد إلى اللحد» (2003) و«الحرب الحضارية الأولى» (1991) والإهانة في عهد الميغا إمبريالية (2003).

ومن أهم القضايا التي انبرى لها المفكر الكبير قضية التعليم حيث قال “فالدكتور المهدي المنجرة يقول : إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك وسائل ثلاث وسائل: هدم الأسرة، هدم التعليم، إسقاط القدوات والمرجعيات. ولكي تهدم التعليم: عليك ب(المعلم) لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه”

كما أن المنجرة اشتهر بتنبؤاته المستقبلية بناء على أبحاث ودراسات مثلما قال “الأطفال هم الأمل، كتبت كتابي الحرب الحضارية الأولى عام 1991 وأهديته لأطفال العراق، و أنا كعالم مستقبليات أهديتها لأطفال العراق الذين سيموتون من بعد ما ماتوا، كم من شخص يقول المهدي يبالغ، وفي كل مرة يقولون أبالغ، أعرف أنني سأكون على حق بعد عشر سنوات”، وقد تحقق ما قال ورأى العالم مأساة أطفال العراق.

كما تنبأ بفشل المنظمات الدولية والأمم المتحدة في حل النزاعات الدولية، حيث كتب المهدي المنجرة كتابه “الأمم المتحدة” سنة 1973، ثم استقال عن النظام كله سنة 1976، إذ كان يشغل منصب مدير مكتب اليونسيكو في عام 1962 ثم مستشارا خاصا له، ثم مديرا عاما مساعدا قبل أن يغادر المؤسسة بعد ذلك، لأنه يرى أن الأمم المتحدة فشلت في دورها المناطة به ألا وهو إحلال السلم بالعالم وصارت تخدم مصالح الدول الغربية فقط، كما تنبأ بفشلها في حل النزاعات في دول العالم.

وكان المنجرة يحظى برعاية ملكية سامية وتقدير من صاحب الجلالة الملك محمد السادس كون المنجرة وجه عربي ومغربي مشرف كسائر أبناء الوطن الذي يقدمون صورة إيجابية عن المغرب، وقد نعاه صاحب الجلالة وبعث برقية تعزية إلى أفراد أسرته بعد أن وافته بالرباط، عن سن يناهز 81 سنة.

ومما جاء في هذه البرقية، أن الملك تلقى “بعميق التأثر والأسى نعي المشمول بعفو الله ورضوانه، المرحوم الأستاذ المهدي المنجرة، الذي بوفاته فقد المغرب أحد رجالات الفكر والمناضلين المخلصين عن حقوق الإنسان والمساهمين في تكوين الأجيال المغربية التي تتلمذت على يديه”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد