“فاطمة الشرنوبي”.. صوت نسائي جديد يثري المشهد الأدبي في مصر
حاورها كريم محمد الجمال
عرفت فاطمة الشرنوبي كمشروع روائية واعدة بعد فوزها بجائزة “خيري شلبي” وهو أحد أهم وأكبر الروائيين في مصر والدول العربية في العصر الحديث، وإلى جانب اقتحامها مجال الرواية ففاطمة تبدو مشروع ناقدة من الطراز العالي لتثري الساحة الكتابية النسائية في مصر. وكان لنا معها هذا الحوار.
نحيي حضرتك في البداية ، ونشكرك على تخصيص الوقت لهذا الحوار مع “دنا بريس” .
أشكركم وأحييكم وطبعاً يشرفني التواصل مع موقع “دنا بريس” والقراء في المغرب الذي أحبه جدا وأتمنى زيارته أو الكتابة عنه وتراثه الغني.
نود أن تعرفينا بنفسك، الاسم والنشأة والعمل والدراسة
فاطمة الشرنوبي نشأت في دولة الإمارات العربية، ودرست الأدب الانجليزي في كلية الآداب جامعة طنطا، وحصلت على درجة الماجستيرفي العام 2020 في ذات المجال بتقدير ممتاز مع التوصية بالطبع والتداول بين الجامعات عن رسالة بعنوان “دراسة نقدية لمسرحيات روبرت بولت التاريخية”، حيث تمحور البحث حول الدراما التاريخية بدءا من نشأته وعلاقة المسرح التاريخي بالتأريخ والمفارقات بين المؤرخ وكاتب الأدب التاريخي والمفارقات بين التأريخ باتباع الوثائق بكل أشكالها وكيف يتميز الكاتب الإبداعي للتاريخ بخياله عن المؤرخ كي يقدّم شخصيات مكتملة الأركان أو كما نسميها ثلاثية الأبعاد.
من الواضح أن الدراسة أثرت على ميول حضرتك النقدية
نعم فقد كانت فرصة جيدة جدا كي أتعرف على التقنيات المسرحية التي تستخدم في العرض المسرحي مثل شخصية ال Common Man والذي كان يلعب بكل الأوراق في مسرحية “رجل كل العصور” والذي ويا للعجب لم يغيره المخرج حين قرر أن يحول المسرحية لفيلم سينمائي. فكانت شخصية ال Common Man حاضرة ومسيطرة، وكذلك تعرفت على تاريخ أوروبا عموما وانجلترا خصوصا في القرن السادس عشر حيث الكنيسة المسيطرة والصراع الأزلي بين الدين والدولة.
وماذا عن تشكل هويتك الثقافية؟
تشكلت البذرة الأولى في ثقافتي من خلال مجلة “ماجد” في مرحلتي الطفولة والمراهقة، ثم تلتها الروايات والمسرحيات التي كانت منهج دراستي في سنين الجامعة الأربعة، حتى بدأت علاقتي بقراءة الأدب العربي من خلال أدب نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وغيرهم.
كيف بدأت الأمور في المجال الأدبي سواء في مجال الرواية أو النقد؟
النقد هو بالأساس دراستي وشهادتي الجامعية. لم أكن أخطط أن أتخذه مجالا جادا في الكتابة والنشر، غير أن هذا كان تطور تلقائي لملاحظاتي التي أضعها بين يدي القارئ في مراجعة مختصرة للعمل الأدبي الذي قرأت، حتى جاءت رواية “ماكيت القاهرة” للكاتب طارق إمام، استفزني النص بفلسفياته المتداخلة ولم أقدر أن أضع تفسيري للعمل، الذي ارتبط فورا في ذهني ببعض اقتباسات شاكسبير المسرحية وبعض أفكار الوجودية، في سطور قليلة كمراجعة سريعة، فكان المقال الأول الذي نشرته بعنوان “ماكيت القاهرة”.. اللّا تناهي و لعبة الحياة”.
دعينا نوجه للأستاذ “طارق إمام” التحية والتقدير فهو صديق وأستاذ وموجه ومثال للمثابرة والتواضع واحترام الكاتب وتشجيع الشباب
بكل تأكيد فالاستاذ طارق يعتبر أحد الأسماء البارزة عربيا وليس مصريا فقط في مجال الرواية
نعود لبدايات حضرتك مع الرواية
أما عن كتابة الرواية فهي وليدة فكرة مسيطرة على عقلي منذ سنين أبت أن تخرج في أي شكل نصي غير الرواية، الكتابة الإبداعية في العموم في الوجه الآخر من روحي التي خرجت إلى العلن منذ المرحلة الإبتدائية متشكلة في الشعر، حتى استحال الشعر نثرا ثم استحال النثر قصصا، اتسعت دائرة فكري في الكتابة لأجدني قادرة على التعبير عن مشاكل لم أمر بها والحكي عن أشخاص لديهم مشاعر لم أختبرها، واستمرت الكتابة بلا هوادة حتى صار كتابة مشهد من 1000 كلمة في جلسة واحدة like a piece of cake.
رواية حضرتك “شباك المنور” فازت بجائزة مهمة وتحمل اسم كبير كخيري شلبي حدثينا عن ذلك
يسعدني جداً أن عرفني البعض كناقدة أدبية والبعض ككاتبة روائية بعد فوز روايتي الأولى “شُباك المنور” بجائزة خيري شلبي للعمل الروائي الأول، عقلي مع النقد وقلبي متعلق بالكتابة الإبداعية.
من أهم المبدعين الذين أثروا في حضرتك سواء قديما او حديثا مصريين او عرب او عالميين؟
نجيب محفوظ في طرح الفلسفة ووصف الحالة ويوسف ادريس في خلق الفكرة ووصف المكان وفرانز كافكا في جنون الفكرة هم أبرز من وجدت في نصوصهم إثراءا لكتابتي، إضافة إلى بعض الكتاب المعاصرين، إبراهيم عبد المجيد وايلينا فيرانتي وبثينة العيسى وغيرهم.
نعود إلى الجائزة كيف كان إحساس حضرتك عند الفوز بها وما هي الظروف والعوامل حول الفوز؟
الجائزة كانت بمثابة دافع معنوي بالغ كي أطمئن أنني من حيث الكتابة الروائية أسير على الطريق السليم، الرواية الأولى هي حالة خاصة جدا لدى الكاتب، أعطيت كل ما أملك لها وأخلصت في كتابتها حتى الهمسات الأخيرة من الحروف، عملت على تطوير كتابتي في هدوء على مدار أعوام، كنت أكابد كي أكتب فقرة من خمس جمل حتى صار كتابة مشهد طويلا بسيطا للغاية.
تفاجأت بإيميل رسمي من جائزة خيري شلبي قبيل إعلان النتيجة الرسمي بثلاثة أيام لإبلاغي بأن رواية “شباك المنور” هي الفائزة بالجائزة. لم أستوعب الخبر وبكيت فرحا وسجدت شكرا ليتم التواصل معي بعدها من قبل الدكتور حاتم حافظ والأستاذ زين خيري شلبي واستضافتي في دار الشروق استضافة كريمة واحتفاءا رائقا يليق بكرمهم ومكانتهم النبيلة، لأستلم الجائزة وأستفيض في الحديث عن الرواية وكواليس كتابتها.
ما أهم الخطوات والمشاريع القادمة إن شاء الله؟
هناك رواية قادمة ستتنوع فيها الأصوات والشخصيات وتتكاثر فيها القضايا المطروحة، التي ستأخذ منحى مختلف عما تناولته في “شباك المنور” التي كانت تدور جلّ أحداثها حول فتاة اسمها رقية. كما أن هناك العديد من القصص القصيرة التي تنتظر لتجد فرصة للنشر على منصات ثقافية.
هل حضرتك راضية عن التناول الإعلامي للوسط الثقافي والأدبي وهل للمثقفين يحصلون على حظهم اللائق من الاهتمام والتكريم؟
لا يتم الاحتفاء بالمثقفين عموما والكتاب خصوصا بصفة عامة، إلا من خلال بعض القنوات والبرامج محدودة الانتشار. أتمنى أن تتسع مساحة استضافتهم والاستماع إليهم وإلى القضايا التي تشغل بالهم ويطرحونها في نصوصهم.
ما هي أهم المعوقات والصعوبات التي تواجه المثقفين والمبدعين عموما والشباب خصوصا؟
الخناق حول رقاب دور النشر التي يتم مصادرة بعض الأعمال منهم بعد أن تكبّدوا مصاريف تحريرها وتدقيقها وطباعتها ونشرها؛ ما جعل كثير من دور النشر ترفض نشر أعمال جيدة جدا تجنبا لهكذا احتمال.
ما أهم المقترحات والحلول التي ترينها حضرتك للوصول لوضع ثقافي يليق بمصر؟
حرية النشر، ثم حرية النشر ثم حرية النشر، طالما أردنا رقيا ثقافيا.
ما هي نصيحتك للكاتبات في بداية الطريق ويطمحن بالوصول لنجاح في مسيرتهن الكتابية؟
“كوني أنتِ” أعني لا تكتبي ما تظنينه سيعجب الجمهور أو النقاد أو لجان تحكيم الجوائز، بل اكتبي ما تمليه عليك روحك وفقط.
بكلمة، اكتبي ما يروق لكِ أنتِ لا ما يروق للآخرين.
في نهاية هذا الحوار بشكر حضرتك شكراً جزيلاً ومزيد من التوفيق
أنا بشكر حضرتك جدا أ.كريم على الأسئلة الرائعة، وتحياتي لك ولفريق عمل “دنا بريس” و السادة الجمهور والمتابعين