لوحات سارة الكحل بالرباط تنتصر لروح الهوية وعطر القصيدة
دنا بريس
تواصل الفنانة التشكيلية المغربية سارة الكحل، معرضها الفني الفردي برواق الناذرة بالعاصمة الرباط، باعثة للمتلقي، بطريقة بديعة، فيضا من اللوحات، التي تفوح بعبق لمسات فنية غاية في الإبهار، وطرح سؤال الجمال اللوني الذي توجده الفنانة بطريقتها الخاصة، تميزها عن باقي الفنانات الأخريات.
معرض الفنانة سارة وهي ابنه مدينة القنيطرة، الذي يمتد منذ الثامن من شهر نونبر 2024، وحتى ال 19 من نفس الشهر، يحمل شعار “بلمستهن”، انه فعلا لمسة فنية أنثوية رقيقة، رقة اللون البهي في عيون المها، إنها ألوان شاعرية، تشعر المتأمل بالسكينة، والهدوء الصافي، الذي يمتح من خليج الروح كالأريج، كالعطر، كسحر الصبايا، وهن يلمسن قرص الشمس، او يقبلن الحلم، على محيا الندى ذات صباح.
استهلت الفنان سارة معرضها، بلوحتين رائعتين، لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الأولى بورتريه لجلالة الملك، والثانية لجلالته مع كريمته صاحبة السمو الملكي الأميرة لالة خديجة.
لوحات الفنانة التشكيلية سراح الكحل، التي نظمت عدة معارض فردية وجماعية، بياض فاتن، اخضر يانع بلون الحرية، وبرتقال يمنح العذارى طاقة إيجابية بحثا عن الخلاص من تعب الظهيرة، ذات صيف بلا موج او ضفاف، انه سفر بلا حدود، لنساء فاتنات، يحكين قصصهن في آخر الهزيع، بأسلوب لا يخلو من بهاء شهرزاد، وهي تقص احاسيسها الخالدة لشهريار في انتظار الصباح المباح.
لمسة سارة الفنية، تكريم للمرأة المغربية، وللعادات والطقوس والتقاليد، هو تكريم لل”حايك” وللجلابة وللقفطان المغربي، الذي يعد بطاقة بريدية غالية، وسفيرا للهوية المغربية العريقة، انه احتفاء متفرد بالتاريخ والحضارة، من خلال الكثير من المكونات الفنية والثقافية الجملية، كالزليج البلدي، والزي الشمالي، وشبابيك الشرفات، والخلالة الامازيغية، والمناديل الجميلة التي تراقصها الظلال، ونسائم الرقة الحالمة إلى ابعد الحدود.
لوحاتها احتفاء، أيضا بروح الصناعة التقليدية الصوفية العريقة، وتكريم للمرأة الصحراوية المغربية، وما يرافق زينتها، من سحر أخاذ، عبر جلسة تقليدية بلباسها الصحراوي الأصيل، انها حوار بين فيض من المكونات الثقافية والحضارية والمجتمعية التي تميز الهوية الوطنية، سواء من خلال جلسة إعداد الكسكس او الشاي وغيرها، كما تضفي عليها لمسة حديثة، تمنحها آفاقا حالما اخرى، فتبدو متجددة غاية في البهاء.
هكذا، تتحول اللوحة التشكيلية عند سارة الى قصيدة شعرية موحية تصنع الجمال، بأنامل ساحرة مدربة تعرف كيف، تحول اللون الى لحظة مبهجة، تأسر الفؤاد الألباب، انه حوار ذكي، ورقيق بين الأنا والآخر، وبين الفنانة والعالم، التي توجده في الزمان والمكان، ومن خلاله، ترسخ لهوية فنية راقية تنصر لقيم الإبداع الرفيع.
تلكم اذن، هي بعض لوحات الجمال، بلمسة الخيال، في معرض استطاعت فيه الفنانة، الانفتاح على السحر الإفريقي الأخاذ، حيث حاورت برسوماتها المتقنة المرأة الإفريقية بأزيائها وعطورها وأحلامها، كما فتحت باب شرفتها الفنية للمسات تجريدية وسوريالة، تتشابه مثل عصافير بلون الشمس، حين تغطس في الأفق ذات مساء كصحن ليمون.
هذا هو معرض الفنانة سارة، حديقة تبهر المتجول فيها، بألوانها الدافئة الموحية، حيث كل لوحة تتكلم لغتها، في صمت رقيق، إنها اشبه بقصص جميلة، تحكيها الفنانة بأسلوب غاية في التشويق والدفء والإمتاع، لتكون لوحاتها، أناقة فنية ترفرف في مختلف زوايا المعرض، كسرب من الحمام بهديل الأحلام، لتؤكد الفنانة، من خلال ذلك، انها واحدة من فنانات المستقبل الواعدة، قادرة على رسم الجمال بلون الخيال، جمال لوني ينتصر لروح الهوية، ونخوة المرأة المغربية، وعطر القصيدة، وسحر إفريقيا، وفلسفة التجريد، وبهاء الإبداع، في أبهى التجليات….م ص