نتنياهو يجر الشرق الأوسط إلى حرب شاملة وطاحنة
دنا بريس – المصطفى الوداي
شهد الأول من أكتوبر 2024 حدثًا غير مسبوق في الصراع بين إسرائيل ومحور المقاومة، حيث ردت إيران بعنف على إسرائيل بإطلاق نحو 250 صاروخًا، منها صواريخ باليستية وصواريخ فائقة السرعة. ووفقًا للتلفزيون الإيراني، فإن 80٪ من الصواريخ أصابت أهدافها بدقة.
جاء الرد الإيراني بعد سلسلة من المحاولات لتجنب الحرب المباشرة، وبعد تصاعد الاستفزازات الإسرائيلية التي بلغت ذروتها باغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، داخل طهران. ومع تأخر الرد الإيراني، ازدادت جرأة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي بدا عازمًا على تنفيذ مخطط “الشرق الأوسط الجديد” تحت قيادة إسرائيل.
في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عرض نتنياهو خريطة للشرق الأوسط مقسمة إلى قسمين: الأول يمثل محور المقاومة، وهو “المنطقة السوداء” التي تعهد بتدميرها، والثاني يمثل الدول المطبعة وأصدقاء إسرائيل. وادعى نتنياهو أنه بعد القضاء على محور المقاومة، سيوقع اتفاقية سلام مع المملكة العربية السعودية، التي وصفها بـ”الصديقة والمساندة” لإسرائيل.
لم تتوقف طموحات نتنياهو عند هذا الحد، بل زادت قوته بعد استهداف قيادات حزب الله واستشهاد أمينه العام حسن نصر الله. وصل نتنياهو إلى حد مخاطبة الشعب الإيراني، مطالبًا إياه بالإطاحة بالنظام. في الوقت نفسه، كان يعد العدة لاجتياح بري للبنان، بذريعة القضاء على الترسانة العسكرية لحزب الله.
أمام هذا التصعيد الإسرائيلي، وجدت إيران نفسها مضطرة للرد، في توقيت حساس، يتزامن مع نية إسرائيل اجتياح الأراضي اللبنانية. اعتقد نتنياهو أنه حقق انتصارات كبيرة بعد توجيه ضربات موجعة لحزب الله، واستند إلى دعم الولايات المتحدة التي أرسلت بوارجها وحاملات طائرات إلى المنطقة.
في الأول من أكتوبر، الذي أصبح يشكل هاجسًا للإسرائيليين منذ هجوم “طوفان 07 أكتوبر 2023″، استيقظ الإسرائيليون على وقع هجمات صاروخية ومسيرات من جنوب لبنان واليمن. كما نُفذت عملية استشهادية في محطة بتل أبيب من قبل شابين فلسطينيين، مما أدى إلى مقتل أكثر من 12 إسرائيليًا وإصابة آخرين. تزامنت هذه الهجمات مع قصف إيراني مكثف استهدف عدة مناطق في إسرائيل واستمر لمدة نصف ساعة.
يأتي هذا الرد الإيراني كخطوة ردعية وتأكيد على أن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي أمام استهداف قياداتها وحلفائها. الهجوم جاء ردًا على مقتل إسماعيل هنية واستشهاد حسن نصر الله، إضافة إلى مقتل قائد في الحرس الثوري الإيراني. كما يعتبر القصف الإيراني محاولة لإعادة قواعد الاشتباك مع إسرائيل.
بعد هذا الهجوم، تبادلت إيران وإسرائيل التهديدات بالتصعيد، وسط مخاوف من جر المنطقة إلى حرب شاملة. هذا ويحاول نتنياهو استدراج الولايات المتحدة للتدخل العسكري المباشر، خاصة بعد الضربة غير المتوقعة التي تلقاها بعد اغتيال حسن نصر الله، وهي العملية التي رفعت من شعبية نتنياهو بعد أن كانت في تراجع إثر ضربات حماس.
وعلى ما يبدو أن إيران فهمت اللعبة، وردت لحماية سمعتها وهيبتها، ومنع نتنياهو من تحقيق مشروعه في “الشرق الأوسط الجديد” الذي يهدف إلى رسم مستقبل المنطقة دون استشارة العرب، حتى الأصدقاء منهم.
جدير بالذكر أن الضربات الصاروخية الإيرانية أثارت الرعب في صفوف الإسرائيليين، حيث لجأ العديد منهم، بمن فيهم نتنياهو وأعضاء حكومته، إلى الملاجئ. كما أُلغيت الاحتفالات بالأعياد ورأس السنة العبرية، بينما استقبل مستشفى “رمبام” في حيفا، المخصص للطوارئ تحت الأرض، نحو 150 جريحًا بإصابات خطيرة.