مع الشابل.. الهجرة الجماعية تضع حكومة أخنوش على المحك!
انتشرت قبل 15 شتنبر 2024 دعوات عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، تدعو صراحة وبالعلن القاصرين والشباب للتواجد بالقرب من مدينة الفنيدق وحدود مدينة سبتة المحتلة، في محاولة جماعية لاقتحام السياج الحدودي برًا وبحرًا، فيما يُعرف بالهجرة غير الشرعية المحفوفة بالمخاطر.
الغريب أن هذه الدعوات وجدت دعمًا من جهات يُعتقد أنها غير بريئة ولها أجندات مفضوحة تستهدف سمعة البلاد، وتظهر أن توجه الحكومة بعيد عن الدولة الاجتماعية التي تتبجح بها في كل المناسبات. وقد جاءت هذه الدعوات من حسابات فردية أو موجهة، ورغم ذلك، فإن أجهزة الدولة بمختلف تشكيلاتها تعي هذه النوايا، وقد تصرفت بحكمة ومهنية عالية، مستنفرة عددًا من القوات العمومية لإفشالها.
للأسف، لاقت هذه الدعوات تجاوبًا كبيرًا من فئات عمرية صغيرة، معظمها لا تملك تجارب حياتية كافية. ورغم علم هؤلاء الفتيان القُصَار والشباب المغامر بأن مسعاهم محكوم عليه بالفشل، وأنه محفوف بمخاطر عديدة، إلا أنهم مصممون على التوجه إلى الشمال المغربي، خاصة إلى منطقة الفنيدق، بأعداد تتجاوز الآلاف، بما في ذلك نساء وفتيات.
دخل هؤلاء، بحسب الفيديوهات المنتشرة، في مناوشات مع القوات العمومية، حيث وقعت اشتباكات في خطوط التماس الحساسة بين المغرب وسبتة المحتلة. ولولا جهود رجال الأمن وكافة المتدخلين الآخرين، لكانت الأمور قد آلت إلى عواقب وخيمة، ونجحت هذه الحنكة في إفشال سيناريو كان ينتظره أعداء الوطن لاستغلال المشاهد الكارثية.
من بين هؤلاء، أدم، طفل لا يتجاوز عمره 13 سنة، من أسرة متوسطة الحال تسكن ضواحي ميدلت. أدم تأثر بفكرة الهروب والمغامرة نحو إسبانيا، بعد أن أقنعه شباب التقاهم صدفة بأن الحياة هناك أفضل. اختفى أدم محاولًا الوصول إلى حدود سبتة لتحقيق حلمه، ولكنه عاد إلى عائلته بعد ثلاثة أيام من الغياب.
أمثال أدم كثر في كل ربوع الوطن، يحلمون بالعبور إلى الضفة الأخرى وترك العائلة والوطن خلفهم. هؤلاء هم مستقبل هذا الوطن، ونخشى أن نستيقظ يومًا دون مستقبل، ما دام صُناع هذا المستقبل لا يؤمنون بأن وطنهم يسعى لضمان مستقبلهم.
أمثال أدم سمعوا كثيرًا عن فساد الأحزاب السياسية وعن عجز مرشحي الأحياء عن فعل أي شيء لتغيير الواقع. لا يهمهم ارتفاع مباني المستشفيات والمحاكم، أو تصميم العمالة الرائع، أو حتى سرعة قطار البراق. هم يواجهون يوميًا أصدقاءهم العاطلين عن العمل، ويستمعون إلى معاناتهم مع الخدمات الصحية والتعليمية المتردية، ويعرفون عن سوء الخدمات الإدارية.
أمثال أدم يحلمون بغد أفضل، ويطمحون إلى من يخاطبهم بلغة يفهمونها. وتداعيات 15 شتنبر تُسائل الحكومات المتعاقبة عن اختياراتها ومخططاتها الاجتماعية، خاصة تجاه فئة تشكل نصف المجتمع المغربي أو أكثر.
فماذا وفرت حكومة السيد أخنوش لاحتواء رجال الغد وبناة مستقبل الوطن؟
حميد الشابل