الرائدة في صحافة الموبايل

تجار اللحوم على حافة الإفلاس!

أصبحت الأثمنة الخيالية لللحوم الحمراء والبيضاء التي تشهدها الأسواق، تهدد مستقبل عدد كبير من الجزارين وبائعي اللحوم الحمراء والبيضاء على حد سواء، والذين لم يعد بوسعهم مواكبة الغلاء وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق.
هذا الغلاء المفرط كان سببا في إغلاق العديد من متاجر الجزارة مباشرة بعد عيد الأضخى نظرا للارتفاع الصاروخي في ثمن اللحوم التي تجاوزت 110 درهم بالنسبة للحم البقر، وعلى مشارف 150 درهم للحم الغنم فيما ثمن الدجاج مرشح ليصل إلى 30 درهم.
اوقد اثر الغلاء بالتالي على تراجع إقبال المغاربة على شراء اللحوم مما انعكس سلبا على الجزارين اللذين وجدوا أنفسهم بين مطرقو غلاء رؤوس الأبقار والأغنام المعدة للدبح وسندان عزوف المواطنين.. مما نتج عنه إغلاق العديد من الدكاكين خصوصا في الأحياء الشعبية التي جل زبناءها من ذوي الدخول المحدودة ومن الفئات التي لم تستفد من الزيادة الأخيرة في الأجور، لتبقى أثمنة اللحوم تفوق بكثير الدخل الفردي والمستوى المعيشي للعموم المواطنين المغاربة.
هذا ويعاني بائعو الدجاج الأمرين، ابسبب ارتفاع ثمن الدواجن بشكل مهول والتي يعتبر اقتناؤها ضالة الفقير ومتوسط الدخل.
ارتفاع الأثمنة بشكل غير مسبوق جعل المغاربة يتسائلون عن الأسباب الحقيقية لهذا الإرتفاع المهول في اثمتة اللحوم بشتى أنواعها، وعلى ما يبدو غالإجابة عن التساؤلات واضحة، هناك أسباب مباشرة وأخرى غير مباشرة..
فحسب تقلرير وازارة الفلاحة والصيد البحري وجمعيات منتجي اللحوم وتجمعات مربي الأغنام والفاعلين في القطاع؛ فالسبب الرئيسي يعود إلى الجفاف وغلاء أثمتة الأعلاف وإفلاس بعض المربين مما أثر على الثروة الحيوانية بالمغرب التي سجلت نقصا في رؤوس الأبقار والأغنام.
وأما الأسباب غير المباشرة فتختلف من صنف إلى آخر،
فارتفاع اللحوم البيضاء يعود إلى موجة الحرارة والتي أدت إلى نفوق عدد كبير من الدواجن، إضافة الى إقامة الأعرلس والحفلات في فصل الصيف الذي يتزامن مع قدوم الجالية المغربية من الخارج، وهذه عوامل كلها من شأنها المساهمة في ارتفاع الطلب على حساب العرض وبالتالي إلى ارتفاع الثمن. ينضاف إلى هذه العوامل؛ السياسة الفلاحية التي عوضت المساحات المخصصة لزراعة الذرة الغذاء الأساسي للدواجن بزراعات أخرى،ليصبح قطاع الدواجن مرتبطا بشكل كلي بالأسواق العالمية حيث وصلت نسبة استيراد العلف إلى 100٪.
وكما هو معلوم فثمن اللحوم الحمراء عرف هو الآخر ارتفاعا في السعر توازيا بين لحم الغنم ولحم البقر،، ويعود هذا الإرتفاع المهول في ثمن الكيلو غرام الواحد من اللحم لأسباب مشتركة، أهمها الجفاف الذي يعيشه المغرب منذ ستة سنوات متتالية ومن مخلفاته تقليص مساحات الرعي التي تأثرت بشكل كبير والتي رافقها نذرة في مواد علف المواشي ليرتفع ثمنها ودائما وفقا لمبدئ العرض والطلب ومع تقلبات الأسواق العالمية التي اختلت موازنها منذ ظهور وباء كورونا.. فمن الطبيعي از يتقلص عدد الكسابة خصوصا الصغار منهم لضعف إمكانياتهم المادية وبالتالي تراجع عدد رؤوس الأغنام لاسيما بعد عيد الأضحى هذا وبالرغم من أن تقارير وزارة الفلاخة كانت تطمئن المغاربة بأن هناك وفرة في القطعان التي لن تتأثر خصوصا بعد لجوء الحكومة لإستيراد الأغنام من اسبانيا ورومانيا مع منح دعم مالي للمستوردين إلا أن هذه الأغنام لم يكن لها أي أثر إيجابي في تزويد الأسواق برؤوس الأغنام والحفاظ على الأثمنة سواء بمناسبة عيد الأصحى أو بعد العيد لتلتهب الأسعار ويصل ثمن الكيلوغرام الواحد من لحم الغنم الى 150 درهم.
وفي ظل ارتفاع لحم الغنم يرتفع سعر الكيلو غرام من لحم البقر الذي تأثر بشكل كبير وخصوصا الصنف المحلي الذي يعاني من المنافسة الشرسة من اللحوم والابقار المستوردة، وبالتالي لم يعد بمقدور الكسابة الصغار والمتوسطون منهم مزاولة تربية المواشي.
ومن الأسباب غير المباشرة، السياسة التي نهجتها وزارة الفلاحة خصوصا بعد إعتماد المغرب الأخضر علما أن المغرب استطاع في فترة من الفترات تحقيق الإكتفاء الذاتي من اللحوم بجميع اصنافها وكانت نسبة الإستيراد جد ضئيلة من اللحوم المستوردة من امريكا اللاتينية وتخصيصها لتموين التكنات العسكرية.
لقد كان من أولويات المغرب الأخضر الرفع وتطوير إنتاج اللحوم ولتحقيق هذا الهدف تم إتخاذ عدد من القرارات أهمها دعم الفاعلين في القطاع وتمكينهم من إمتيازات لتطوير الإنتاج وأهم المستفيدين الجمعيات البيمهنية، وجمعيات منتجي اللحوم و تعاونيات المنتجين وجمعيات مربي الأبقار والجمعية الوطنية للأغنام والماعز، وتخصيص دعم مالي بمبلغ 4000 درهم عن كل عجل بعد ولادته.
ومع بداية الأزمة خصصت الحكومة دعما ماليا لمستوردي الابقار من البرازيل والأرجنتين لكن كل هاته التجمعات والجمعيات من مربي الأبقار ومنتجي اللحوم وكل هذا الدعم المالي لم يستطع السوق أن يعيد توازنه ويحافظ على سعر اللحوم ليكون في متناول المغاربة اللذين تدهورت قدرتهم الشرائية يوم عن يوم في ظل la stagflation الركود التضخمي الذي يعيشه المغرب وهو ما يعني تراجعا في النمو مع استمرار ارتفاع التضخم ووصوله إلى مستوى معين، وبالتالي فهذه الوضعية تتطلب تدخلا حكوميا عاجلا وليس آجلا من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطنين/ت وحماية الفلاح الصغير والمقاولات الصغرى وتجمعات الفلاحين.
هذا ومرجح أن تنتقل عدوى الارتفاع في أسعار اللحوم إلى مواد أساسية أخرى خصوصا مع نذرة الماء وتأثر عدة مناطق بالجفاف، إضافة الى ضعف معدلاات النمو وضعف مناصب الشغل وارتفاع معدل البطالة والعطالة على حد سواء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد