تسريبات لتوصيات هيئة تعديل مدونة الأسرة تثير الجدل!
المصطفى الوداي
ما إن تسربت بعض مقترحات هيئة تعديل مدونة الأسرة حتى تضاربت الأراء بين مؤيد ومعارض واثارت الجدل بين المحافظين والحداثيين، فكل طرف يدافع من موقعه على ضرورة إحداث تغييرات في مدونة الأسرة تحفظ للمرأة كرامتها وتصون حقوقها وتخلق التوازن داخل الأسرة المغربية.
لاسيما وأن أهم ماجاء من مقترحات لهيئة تعديل مدونة الأسرة ينحو نحو تغيير أحكام شرعية تستند إلى نصوص قرآنية، فمسألة الإرث حددها نص قرآني في سورة النساء
“يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين “.. ما يجعل الأمر يبدو محسوما مسبقا ولا يحتاج لتأويل أو تعديل أو اجتهاد.
وإذ لا يختلف اثنان على أن الهدف من تغيير مدونة الأسرة هو حفظ حقوق المرأة وصون حقوقها، إلا أن لكل طرف مرجعيته وإيديولوجيته، فالبنسبة لأصحاب التيار المحافظ وعلماء الدين؛ فالمرأة قد كرمها الله في سورة النساء وسن أحكاما تكفل لها حقوقها وتضمن لها كرامتها، مع تأكيد ضرورة تأدية الواجبات للمرأة عند الطلاق، فلا حاجة لنا بالنظر فيما كان مسنونا بقانون إلاهي.
فيما يرى أنصار الحداثة والمساواة؛ أن الدين يساهم في هضم حقوق المرأة ويضعها في مرتبة أدنى من الرجل.. ولأحل تحرير المرأة مواكبة لروح العصر، خاصة وأن النساء هن عنصر فعال ويساهمن في تطوير الإقتصاد الوطني، كما أنهن بتقاسمن مع الرجال أعباء الحياة ويساهم معهم جنبا إلى جنب في بناء الأسرة بما يتطلب من تفاني وتربية وإعالة، وجهد مبذول داخل وخارج البيت..
وهذا ما يجعل أنصار هذا التيار يدعون لثورة على القوالب الدينية الكلاسيكية وتحرير النصوص من الجمود والاجتهاد في استقرائها تلبية لحاجات العصر وحتى تكون أكثر إنصافا للجنسين مع تحقيق المساواة بين الطرفين.
غير أن المحافظين يطالبون بعدم المساس بالنصوص الفقهية الشرعية خوفا مما قد تجنيه هذه الاجتهادات القانونية من آثار على البنى الأسرية وقد يعرضها للتفكيك.
ليبقى الفيصل هو ما سيكشفه القادم من الأيام لمعرفة ما ستشمله التعديلات بمدونة الأسرة المغربية، آمل السواد الأعظم من المغاربة أن تكون مدونة تسير في اتجاهين وتتماشى مع ما جاء في خطب مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة والمهابة، الملك محمد السادس، الذي أكد أنه لن يحل حراما ولن يحرم حلالا.
هذه التسريبات فيها إذاية للشعب المغربي ولإمارة المؤمنين، وللنظام الملكي الذي شعاره ”الله الوطن الملك“، ويجب محاسبةُ جميع المسؤولين عن هذه التسريبات.
هذا، ولا شَكَّ أن الشعب المغربي المسلم سيُغيّر أسلوبه في التعامل مع أعداءه، وأعداء أمنه وسلامته.
ألا، إن الفتنةَ نائمةٌ، ولعنةُ اللهِ على كلِّ مَن يريدُ إشْعالَ فتيلها!