أگادير أومْغَارْ أو “للا بيت الله”.. معلمة تاريخية بواحة”أقا” إقليم طاطا
دنا بريس – عبد الله الجعفري
القصبة المباركية من أقدم قرى واحة أقا، بالجنوب الشرقي المغربي، تزخر بالعديد من المآثر التاريخية الشاهدة على قِدمها، وعلى مرور حقبة زمنية حافلة على وقائع وأحداث تاريخية مهمة.
وتعَد قرية القصبة من الدواوير التابعة إداريا للجماعة الترابية، التي ارتبط بها اسمها منذ تأسيسها سنة 1992، تحت اسم جماعة قصبة سيدي عبد الله بن مبارك دائرة أقا عمالة وإقليم طاطا.
واسم القصبة في اللغة يحتمل أكثر من معنى؛ فهي في ساق الشجر وفي جسم الإنسان. أما تاريخيا فالقصبة اسم مرتبط بالمعمار، بفضل ماتزخر به القصبات بصفة عامة؛ من أشكال هندسية معمارية تؤرخ لحضارات عريقة، تربط الماضي بالحاضر، وتجعل من المعمار مادة مرتبطة بالإنسان والمحيط، والواقع المادي الذي تنتج عنه علاقات وتفاعلات ربما هي المحدد الرئيسي لمفاهيم المدينة و القرية، بل والهوية أيضا.
وتُعرَف قرية القصبة قديما بإسم “أگـادِيرْ أُومْغَارْ”، وهو الإسم الذي اشتهرت به إحدى أبرز وأجمل المعالم التاريخية بواحة أقا، المعروفة محليا؛ بـ”للا بيت الله”.
فعلى ضفاف المنتزه الطبيعي “أموند” تطل صومعة أكادير أمغار شامخة، تخفي وراءها أحداثا تاريخية وحضارية تنم عن تاريخ مجيد لاينكره إلا جاحد. وهي المعلمة الشاهد الوحيد الشبيه لصومعة حسان بالرباط، وهنا نذكر أن بناءها يرجحه الرواة إلى العهد الموحدي. وهي المكان الذي شهد الإستقرار الأول للوالي الصالح “محمد اومبارك الأقاوي” حيث تتلمذ على يده العديد من حفظة القرآن وأهل العلم وخاصته.
ولاتُذكر القصبة إلا ومعها هذه المعلمة الحضارية الشاهدة على مدى براعة الإنسان الأقاوي في التصميم والبناء.
وفي خضم الحديث وتقديم هذه المعلومات التي نقصد من خلالها التعريف بالمكان والزمان، لابد من التعريف أيضا بالقيمة التاريخية لهذه المعلمة؛ وهذا يستوجب منا نوعا من الجرأة والدقة العلمية واستحضار معلومات مرجعية ؛ لأن قيمة هذه الصومعة لا يقف عند حدود التراث المحلي فحسب؛ إنها تراث وطني إنساني يستحق التعريف والنهوض به.
وإذا ما أردنا استفزاز ذاكرة كل من مرّ بالمكان، لاسيما ممن ترعرعوا بين أحضان منازل هذه البلدة الطيبة، فلا بد من سبر أغوار حياة هذه القرية، حيث العديد من الأماكن التي تحتفظ بذاكرة الطفولة بالقصبة؛
ولا أدري إن سمعتم يوما بالمنطقة المتواجدة بين الجبل ومقبرة القصبة والمعروفة بـ”77 سبعة وسبعين”؛ ويحكى أنها المكان الذي دفن فيه أحد الأولياء، وكانت إلى حدود السنوات الأخيرة مكان إقامة وجبات “المعروف” الموسمية.
ومنطقة “تٍخْبيتْ” عبارة عن أطلال وبقايا منازل قديمة بالقرب من مسجد القصبة، وهو مكان يستوقف كل من كَبُر بهذه القرية حيث محج الألعاب الموسمية ومخبأ فرق الغُميضة وألعاب الصِّبا المختلفة..
ملتقى “إدْرْبَازْنْ دْ إِدْبُوَفَارْنْ”: والمكان بتعبير الطفولة هو بمثابة منطقة حدودية بين صبيان القصبة وصبيان الرحالة وأيت رحال، دعنا نقول -إن صح القول- أنه ساحة المعارك التي يدافع فيها الكل عن شجاعته وعن أحقيته، كما يجسد فيها الأطفال ألعاب الرسوم المتحركة ويبرزوا فيها مدى تمكنهم من تلك الألعاب التي كانت تحذرنا منها الوسمات الاعلامية بعبارة “احذروا التقليد”
ونذكر أيضا أن دوار القصبة يحتضن مركز ومقر الجماعة الترابية قصبة سيدي عبد الله بن مبارك، ومقر القيادة حديثة العهد، بالإضافة إلى ثانوية إعدادية وأخرى تأهيلية.
في انتظار ولادة مرافق أخرى تخدم الإنسان والمجال لصناعة تاريخ جديد.