هكذا يرد مصطفى كرين على تصريح وزير الصحة: التجهيزات موجودة بالمستعجلات، فقط مكتبانش…
بحدس المتابع للساحة السياسية والممارس لمهنة الطب ، أظن أن على وزير الصحة أن ينتبه جيدا لما يتخذه من قرارات وما يتلقاه من استشارات ، فحين قلت منذ بضعة أسابيع أن افتقاد وزير الصحة للخلفية والأفق السياسيين سيجعله أداة سهلة في يد أحزاب الحكومة لتبرير فشلها في مجال الصحة وتصريف مواقفها الشعبوية ، لم أكن أظن أن ذلك التوقع سيتحقق بهذه السرعة ، فتصريح وزير الصحة اليوم أمام البرلمان وحديث الوزارة عن رقم للتبليغ عن المؤسسات الصحية كافيين للتدليل على أن السيد الوزير إما مندفع وإما يفتقد للاستشارة ويتم تغليطه وتوريطه .
اليوم أمام البرلمان قال السيد الوزير بالحرف ” مستعجلات مستشفياتنا تتوفر على التجهيزات الضرورية لكن مكتبانش’ ، أي أن تلك التجهيزات لا تظهر ، وحيث أن الجميع ، مواطنين وأطر صحية ، يعلمون بأن الظاهر من الأمر غير ذلك فإننا نقول مباشرة للسيد الوزير ، يجب فتح تحقيق عاجل : – فإما أن ما قاله سعادته غير صحيح وبالتالي عليه أن يدرك خطورة التصريح الذي أدلى به وعليه تقديم اعتذار رسمي للمواطنين أولا ثم للأطر الصحية والإدارية وربما الاستقالة نظرا للتهديد الذي يشكله مثل هذا التصريح على الأمن العام . – وإما أن هذا الأمر صحيح وبالتالي يجب تحديد من المسؤول عن عدم ظهور هذه التجهيزات ولماذا لا يستفيد منها المواطنون ، كما يجب ترتيب الجزاء القانوني على ذلك . هل تتم سرقة تلك التجهيزات مثلا أم أن المسؤولين في مصالح المستعجلات يحقدون على المواطنين أم أنهم يخبئون التجهيزات لكي لا يراها أحد أو للمتاجرة بها ؟
الكل يعلم تماما أن هذا التصريح هو مجرد مزايدة إعلامية وأن مستعجلاتنا ، التي لا تتوفر للعاملين فيها حتى السماعات ، لا تتوفر أيضا على الضروري من التجهيزات وإن توفر بعضها – وهو شيء نادر الحدوث – فإنها دائمة الأعطاب.
هذا التصريح لوزير الصحة ينضاف للفقاعة الإعلامية التي ألقى بها سعادته في الأسبوع الماضي والمتعلقة بإجبار المؤسسات الصحية تحت “التهديد ” ، على استقبال المرضى في حالة استعجال ومعالجتهم بغض النظر عن قدرتهم على الأداء ، مع إحداث رقم للتبليغ عن هذا الأمر ، وأقل ما توصف به هذه الخطوة هو أنها اندفاعية بامتياز ، وتذكرني بتصريح الوزير الخلفي وتهديده بالاستقالة بخصوص دفتر التحملات المتعلق بالاشهار في القنوات التلفزية العمومية وكذلك تصريح الوزير الرباح وتهديده بالاستقالة أيضا فيما يتعلق بالمأذونيات ( الكريمات ) وغير ذلك ، قبل أن يلوذا بالصمت فور إدراكهما لحجم الأخطاء التي وقعا فيها ، كان ذلك في 2012 ، قبل أن يفهم الوزيران أن الأمر لا يتعلق بإصدار قرار وزاري وإنما الأهم هو كيفية تنزيله على أرض الواقع ، وهنا أطرح على السيد وزير الصحة الأسئلة التالية : – من سيحدد درجة الاستعجال وكيف سيتم التحقق من ذلك عبر كل التراب الوطني ، ومن الذي سينتقل إلى تلك المؤسسات الصحية وبأي حق وفي أي إطار وطبق أي مقتضى قانوني وعلى نفقة من سينتقلون للتأكد من حقيقة الأحداث وتوثيقها ؟ هل يتوفر الوزير على الأطر والإمكانيات للقيام بالمراقبة ، وفي هذه الحالة ألم يكن من الأجدر توظيف تلك الإمكانيات في الارتقاء بالتجهيزات والخدمات عوض القيام بدور الشرطي ؟ – ثانيا : لنفترض أن المؤسسات الصحية التزمت بقرار الوزير ، من سيتكفل لاحقا بالأداء نيابة عن كل أولئك الذين استفادوا من العلاجات ولا يتوفرون على الإمكانيات لأداء تكلفتها ؟
ألم نقل لكم أن السيد وزير الصحة سيكون ضحية سهلة لشعبوية الحكومة ؟ ألم نقل لكم أن الشأن الصحي ببلادنا وصحة المواطن المغربي أصبحا موضع سخرية سوداء من طرف كل الأحزاب ؟