انطلاقة قوية للمركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان في درسه الافتتاحي حول العدالة الانتقائية
نادية الصبار – دنا بريس
نظم المركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان يوما دراسيا افتتاحيا حول: “العدالة الانتقالية بالمغرب: خصوصيات، مسارات ومواكبة إعلامية” ، يوم أمس الجمعة 22 نونبر الجاري بنادي الصحافة بالرباط. وذلك بحضور المحامي و الحقوقي والأمين العام السابق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان السيد محمد الصبار، و المستشار الإعلامي عبدالعزيز الرماني.
سير اللقاء الصحافية السعدية الأشهب الذي رحبت بالحضور من حقوقيين وإعلاميين، أعطت الكلمة لرئيس المركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان الذي تحدث في كلمته الترحيبية عن أهمية وقيمة التجربة المغربية فيما يخص العدالة الانتقالية التي يمكن عدها من التجارب الكبيرة، أي نعم؛ عرفت الساحة العالمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؛ تجارب رائدة للعدالة الانتقالية في كل من أمريكا اللاتينية وأوربا الشرقية وجنوب إفريقيا… لكن تبقى التجربة المغربية لها ما لها وعليها ما عليها، والتي اعتبرها براهيم الشعبي رئيس المركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان تجربة قوية وشجاعة وأعطت أكلها، وإذ يعتبرها كذلك في المركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان؛ فهذا لا يمنع من الحديث عن سلبيات التجربة المغربية مثلما الحديث عن إيجابياتها، فهذه قاعدة كونية، ويجب التسليم بها، فلكل شئ إذا ما تم نقصان، والحديث عن مكامن النقص ليس إلا تثمينا لتجربة تستحق الالتفاتة.
أخذ الكلمة في محور أول حول العدالة الانتقائية في المغرب اهميتها، خصوصيتها ومساراتها، الأستاذ محمد الصبار الذي أبى إلا أن يضع الحضور في السياق التاريخي للعدالة الانتقالية التي توحي بانتقال ديقراطي عبر تطبيق أشكال من العدالة تتلاءم وهذا الانتقال، عبر آليات غير قضائية كلجان التقصي او لجان تقصي الحقيقة، التي من شأنها المساهمة في إتمام مشروع سياسي يروم التغيير وينشده، بالطبع؛ في وجود إرادة سياسية في الانتقال لها القدرة على التفاعل مع أطراف سياسية أخرى. والعدالة الانتقايية كتجربة تخضع لمجموعة من الاعتبارات، حدد الأكاديميون لها جملة من المعايير تسمى جوهر العدالة الانتقالية، وهي لذلك يجب أن تحترم هذه المعايير والضوابط، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال إسقاط تجربة أو نموذج ما مهما كان ناجحا؛ فمصيره ولا محالة الفشل؛ يقول الحقوقي محمد الصبار.
فالموضوع إذا؛ ذو أهمية كبيرة لما يكتسيه من راهنية بدليل أنه جزء من النقاش العمومي في بلادنا، كل ما هنالك أننا لم يتم التسويق لها، حسب الصبار دائما، ولللتجربة بما يكفي… فالعالم بأسره يتحدث عن تجربة العدالة الانتقالية في جنوب إفريقيا كتجربة رائدة ولا يتحدث عن التجربة المغربية التي كانت سباقة لا على المستوى العربي أو الإسلامي.
اما المستشار الإعلامي عبد العزيز الرماني فكانت مداخلته في الشق الثاني من الدرس الافتتاحي حول المواكبة الإعلامية للتجربة المغربية في العدالة الانتقالية، والتي بدأها بسؤال عريض: هل نجحنا حقا في خلق عدالة انتقالية متكاملة وليست كاملة؟!
يسترسل عبد العزيز الرماني فيقول أن رؤية الإعلامي تختلف عن رؤية الحقوقي، مشيرا إلى مداخلة محمد الصبار؛ فتجربة 30 سنة – حسب كلمة الرماني دائما- تجعله في مناسبة مماثلة يتساءل عما سيقوله في سياق مماثل…
قدم الرماني قراءات للعدالة الانتقالية التي اعتبرها نجحت في خلق آليات للصلح والاعتراف والمكاشفة والمصالحة والمصارحة حتى، لكن؛ هل انعكس هذا النجاح -الذي هلل له الإعلام – على مستوى المجتمع؟! هل خلق نوعا من الثقة بين المواطن والمؤسسات؟!
أسئلة وأخرى، دعا الرماني لضرورة التطرق لها و بذات الشجاعة، فلا يمكن اختصار العدالة الانتقالية في مجرد إدخال المعارضة للحكم و منح المعارضين المناصب أو مجرد تعويضات وكفى.
فالمهم بالنسبة له كإعلامي وكمتتبع أن لا يزرع التيئيس، فبعد أن كنا -يقول الرماني في مداخلته- في مرحلة التأسيس؛ ودخلنا الآن في مرحلة التيئيس… ونحن مطالبون جميعا لبناء الثقة المتبادلة بين جميع الأطراف وكل من مكانه وموقع مسؤوليته، حكومة وأحزابا مطالبون ببناء أو إعادة بناء الثقة من جديد، فحسب قوله فالمجتمع المغربي ينهار يوما بعد يوم، والحكومات التي تعاقبت على اختلافها تساوت في معطى واحد وهو الفشل.
لقد نجح المركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان في تصويب درسه الافتتاحي لموسمه الإعلامي والحقوقي نحو موضوع من الأهمية بمكان، تناوله بالدرس والتحليل من خلال مداخلات قيمة للأستاذين عبد العزيز الرماني ومحمد الصبار.