الأسس المشتركة في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي ببلاد شنقيط والمغرب… النقاش الثقافي يصلح ما أفسدته السياسة
أبرز باحثون أكاديميون، الاثنين الماضي، بمدينة شنقيط الموريتانية (530 كلم شمال شرق نواكشوط)، الأسس المشتركة بين المغرب عامة ومناطقه الجنوبية بصفة خاصة، وبلاد شنقيط، على مختلف الأصعدة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، داعين إلى توطيدها وتمتينها وتثمينها أكثر.
واعتبر هؤلاء الباحثون، خلال ندوة حول موضوع “الأسس المشتركة في التاريخ الاجتماعي والثقافي والاقتصادي بين جنوب المغرب وبلاد شنقيط”، نظمتها وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية ، بدار الكتاب بشنقيط، في إطار مشاركتها في فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان المدن القديمة، أن هناك ضرورة لإعادة إحياء المحاور التجارية التقليدية التي كانت تربط بين جنوب المغرب وبلاد شنقيط، وكذا إحياء المدن القديمة من خلال تنميتها اقتصاديا.
وقال الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الانسانية التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير، محمد بوزنكاض، في معرض تناوله لمحور “القواسم التاريخية المشتركة بين واحات جنوب المغرب وبلاد شنقيط”، إن حواضر من قبيل شنقيط، وودان، والسمارة، وواد نون وطانطان وسجلماسة تشكل مدخلا يمكن من خلاله دراسة البنيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة بينها.
وأوضح أن هناك تشابها كبيرا من حيث شروط تشكل هذه الحواضر بالنظر إلى ارتباط قيامها بمعطى توفر الماء، مبرزا أنها أيضا نتاج شرط مادي آخر ممثلا في التجارة، باعتبارها شكلت على مر حقب من التاريخ محطات تجارية وممرا للقوافل، كما أن المعطى الروحي لعب دورا هاما في نشأة هذه الحواضر، معتبرا أنه ومن أجل إعطاء زخم جديد للمدن القديمة يتعين إعادة إحياء وظائفها الاقتصادية والثقافية والروحية، خاصة وأن بينها وشائج اجتماعية قوية تجسدها روابط القربى وعلاقات المصاهرة التي جمعت بين قبائلها.
من جهته، استعرض الباحث في التنمية الجهوية، علي أمجد، في معرض تناوله لمحور “القوافل التجارية التقليدية بالصحراء الكبرى ودورها في خلق ديناميات اقتصادية بدول المنطقة”، الدور الذي اضطلعت به هذه القوافل في التواصل الحضاري والثقافي على طول المنطقة الممتدة بين درعة ومالي، التي تتشابه في المعطيات الجغرافية، والتي يتعين استثمارها لإعطاء دينامية اقتصادية للمنطقة. وبعد أن ذكر بأن المغرب، بالنظر إلى موقعه الجغرافي، كان يقوم بدور الوسيط التجاري والثقافي والروحي في المنطقة، مما كان له أثر إيجابي على ساكنتها، شدد على أهمية الحفاظ على الذاكرة المشتركة بين المغرب وموريتانيا.
ومن جانبه، تطرق أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاضي عياض بمراكش، محمد ألوزير، في معرض تناوله لمحور “أشكال الارتباط بين الخصوصيات المجالية والموروث الثقافي لمجتمع البيضان من واد نون إلى نهر السنغال”، إلى خصوصيات هذا الارتباط وتمفصلاته على الصعيدين المجالي والثقافي بالأساس. وأشار إلى أن تظاهرات من قبيل مهرجان المدن القديمة كفيلة بتطوير جسور التواصل، خاصة مع موريتانيا التي تمثل بوابة رئيسية ليس فقط للولوج إلى غرب إفريقيا، وإنما إلى القارة ككل، داعيا إلى توظيف المقومات الثقافية والتاريخية من أجل خلق قوة اقتصادية بالمنطقة.
وكان مسير الندوة، الطالب بوي أبا حازم، المنسق جهوي لمؤسسة التعاون الوطني بجهة كلميم واد نون، والأستاذ الزائر بجامعة ابن زهر بأكادير، قد استهل هذا اللقاء العلمي بإبراز “الامتداد القبلي والثقافي لمجتمع البيضان في نسج علاقات التقارب والتعاون في المنطقة”. ومن جهة أخرى، شهدت الندوة، مداخلتين لكل من مدير التراث الثقافي بوزارة الثقافة والشباب والرياضة، يوسف خيارة، ورئيس قسم المتاحف بالوزارة، فؤاد المهداوي، تناولتا، على التوالي، موضوعي “ملامح من التراث الثقافي المغربي من خلال المدن العتيقة المصنفة تراثا عالميا”، و”التراث المخطوط بالغرب الإسلامي من خلال ذخائر الخزائن المغربية”.
وتلت هذه الندوة، التي حضرها، وزير الثقافة والشباب والرياضة، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الحسن عبيابة، وسفير المغرب بنواكشوط، حميد شبار، والسيد جبران الركلاوي المدير العام لوكالة تنمية الأقاليم الجنوبية وأمين عام وزارة الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان الموريتانية، أحمد ولد أباه ولد سيد أحمد ونخبة من الباحثين والمفكرين والأدباء، مناقشات مستفيضة تناولت مختلف جوانب العلاقات المغربية الموريتانية