كمن هو ذاهب إلى موعد حب…
مصطفى الزيان
كمن هو ذاهب إلى موعد حب، استيقظت هذا الصباح على عجلٍ قبل أن تستيقظ المدينةُ التي لا تزال تغط في نومٍ عميق بعد ليلة متعبة.
أتناول وجبة الفطور، ثم افتح دولاب الملابس لأرتدي أول قميص تتعثّرُ به يداي، أضع قبعة على رأسي وأرش بعض العطر على حول عنقي ، أحمل حاسوبي ، هاتفي، الولاعة وعلبة السجائر، أدلف إلى داخل المقهى وأقتعد كرسياً بارداً يشبه الكرسي الذي يقتعده المجرم في غرفة التحقيق.
تأتي النادلة وفي يدها كوب قهوة ساخن، تمسح الطاولة في حركة دائرية لا إرادية، تضع أمامي كأس ماءٍ ومنفضة وكوب القهوة وتمضي بوجه غير صبوح تجر خلفها ما فاض عن عجيزتها من لحم وشحم، وجهها يشي بالضيق وعدم الرغبة في العمل، ذلك أنها تدري أن زبائن الصباح نادرا ما يتركون بقشيشا مغرياً، لذا فلا غرو إن عَلت مسحة الضجر تقاسيم وجهها الذي نسيت أو تناست أن تمسحه بالكريمات المرطبة.
تدري أنها مهما تزينت فلن تفلح في فك شفيرة جيوب الزبائن في صباح الأحد الترتيب، لذا لن تقوم بجهد التغنج إلا بعد أن تغرب شمس المساء.. بعد ان تمتلئَ الكراسي بصنف آخر من الزبناء، أولئك الذين بعد يوم عملٍ شاق ينغمسون في تدخين اللفافات المحشوة بالماريخوانا.. أولئك الذين يستعذبون النظر الى صدر النادلة، ذلك الصدر الذي يفيض نصفه خارج الجسد ويكون له مفعول السحر على العقول الغارقة في نشوة المخذرات والإستيهامات الجنسية.
ثمة حكمة تقول : (عندما يَقيم الذَّكر يغيب بعد النظر) ، ذلك حال المقهورين المعذبين في الأرض، يستعيضون عن همومهم وخيباتهم بالغرق في قاع أحلام اليقظة، يجزلون العطاء لنادلة تعرف من أين تُؤكل الكتف، يمنحون بسخاءٍ ما في جيوبهم مقابل النظر الى تفاصيل النادلة التي يحلو لها أن تبرز مفاتنها وأحياناً تتعمد عدم اللامبالاة إن مس أحدهم خاصرتها او تغزّل بتضاريسها بكلام فاحش.
أترك النادلة وزبائن المتعة جانبا لأفتح حسابوبي وأرقن على لوحته رمز القن السري، بعدها أجدني معكم ومع كتاباتكم، أقرأ لهذا وتلك ، تستوقفني بعض الأسماء التي أقرأ لها بتركيز شديد وأعجب كيف أن كتاباتهم لا تنال ما تستحق من علامات الإعجاب والتعليقات، في حين أجد بعض الخربشات التي لا يمكن وصفها بالأدب بل قلة أدب تحرز كَمّا من أزرار الإعجاب، هو زمن الأزرار إذا.
بين زر وآخر تتربص بك علامات التعجب والعجب العجاب..أقرا لكم جميعا وأجدني مثل تلميذ كسول غير مواظب على الحضور، أغيب كثيرا لكن حبكم في القلب لا يغيب.
نسيت ان اخبركم ان موعد الحب الذي استيقظت لأجله كان محجوزا بإسمكم وإسمكن جميعا.. ومن خلف شاشة الحاسوب اقول لكم : دمتم للحرف أوفياء ودمتُ لكم تلميذا نجيباً يعتكف على قراءة سطوركم ومابين السطور.
دمتم بقلبٍ صاخبٍ بالحب والحرف الأنيق