ليس كل الفنانين مشهورون ولا كل المشاهير فنانون، كانت هذه الجملة بمثابة صرخة في صمت للفنانة المغربية “نادية الصافي”. فكان الحوار التالي:
من هي الفنانة نادية الصافي و لما تغيب عن الساحة الفنية و تبتعد عن النجومية؟
أنا بكل بساطة فنانة مغربية و لست بنجمة أو ربما آفل نجمي مثل كثير من الأصوات القوية التي لم تر النور، أو قد توجد بالساحة و لكنها لم تعرف طريقها نحو النجومية … ليس كل الفنانين مشاهير و لا كل المشاهير فنانون … قصتي مع الغناء بدأت منذ الطفولة، وجدتني أحفظ الموشحات و كل الأغاني الطربية التي تذاع على الراديو و التلفاز. بدأت أثق بقدراتي و بصوتي الطربي تحت تشجيعات كل من كانت له فرصة لسماعه… شاركت بالحفلات المدرسية خلال الأعياد الوطنية في مرحلة سابقة ، لأشارك في مرحلة لاحقة بعدة مسابقات فنية و غنائية على رأسها المسابقة ذات الثقل و الوزن الكبيرين و التي كانت نقطة انطلاق لفنانين كثر من جيلي ؛ ” سباق المدن ” ، تفوقت فيه على باقي المتسابقين و المتسابقات و حصدت فيه الجائزة الأولى ، كان الفوز ساعتها إنجازا كبيرا ، لتتوالى المشاركات بمسابقات أخرى كمسابقة ” أضواء المدينة ” و مسابقة “نجوم الغد “… لألج بعد ذلك إلى المعهد الموسيقى لصقل الموهبة ؛ فدرست الموشحات العربية و قواعد و أصول الموسيقى و الصول فيج ، كما درست العزف على آلة العود .
حدثيني عن مسارك الفني و ما هو رصيدك ؟
لي رصيد متواضع في الخزانة الوطنية ، فلقد كنت عضوة في الفرقة المغربية للموسيقى العربية التي تهتم بالموشحات العربية و أغاني الطرب الأصيل ، أحييت عدة حفلات داخل الوطن و خارجه .
لماذا لم تتعد تجربتك الفنية و تجربة آخرين من الموهوبين جدا (بين قوسين) إحياء الحفلات و تخليد الخالدات بأصوات عذبة حلوة يمكنها أن تغرد خارج أسراب المخزون الفني الذي على قيمته و قدره لا يشكل إلا اجترارا و لا يعكس الموهبة الحقة لصاحبها و تخليدا لإسمه لا لأسماء الراحلين؟
- – كغيري من الفنانين الذين يجدون نفسهم مضطرين للبقاء في إطار التغني بالقديم دون إنتاج الجديد. لا ننكر أن الخالدات من الأغاني والطرب يستهوي المطرب ومن يحب الطرب … الجماهير الواسعة تطرب لسماع ما تحبه من أغاني لكبار المطربين العرب والمغاربة على حد سواء وإن كانت بأصوات أخرى، المهم أن تكون الأصوات قوية وبمستوى الأداء، فمن منا لا يحن لسماع عبد الحليم حافظ وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وعبد الهادي بالخياط والمعطي بلقاسم وعزيزة جلال. اااه عزيزة جلال، تستطرد المطربة نادية الصافي …”واللائحة طويلة جدا … ونحن كذلك نحب أن نغني القديم لأننا نعشقه ونقدمه لأننا متأكدون من أن الأوفياء باقون ينتظرون ليسمعوه ويستمتعوا به «.
و فيما يخص إنتاج الجديد ألم تفكري في أن تصنعي اسمك خارج الربرتوار و تكون لك بصمتك الخاصة التي بها تعرفين؟
نخاف من التجربة، تجربة الإنتاج و التسجيل ..
لما؟ ألا يوجد كتاب كلمات وملحنون يقودون كوكبة من الفنانين الجدد في إطار أغنية جميلة خفيفة لطيفة دون أن تكون مائعة؟ لعلي فهمت من قولك “نتخوف من الإنتاج” أنك لا تقبلين بأغنية ذات مستوى أقل من مستوى مما تتغنين ه ؟
لا و ألف لا ؛ ليس ذاك ، الساحة المغربية تزخر بالطاقات و الأسماء سواء في كتابة الكلمات أو الألحان و التوزيع ، المشكل بالمنتجين الذين على قلتهم لا يتعاملون إلا بمنطق السوق و ما يطلبه الجمهور فلا ينتجون الا منتوجا ان لم يكن رديئا فهو يخضع لمنطق السوق ،، ليبقى الأمل الوحيد في قدرتنا الشخصية في مكابدة عناء المغامرة و الإنتاج على حساب الفنان الخاص … و تجد الأغنية نفسها بالأخير عرضت مرة أو مرتين على الإذاعة و التلفزة المغربية و يكون حتفها الخزانة الوطنية و الأرشيف . وتجارب الزملاء في هذا الباب كثيرة، صديقة لي؛ مطربة وذات خامة صوتية ممتازة، قامت بتسجيل قطعة مع ملحن معروف وكلمات كاتب مرموق، كلفتها الأغنية كثيرا فلم تربح منها لا مالا ولا صيتا.
وأنت سيدتي نادية الصافي، حدثينا عن تجربتك بالإنتاج؟
حضرت أغنية ” حضر عقلك «؛ ههه … فقط لأنها أعجبتني، فكلماتها اجتماعية وهادفة لكاتب الكلمات عمر التوازني وتوقيع الملحن الكبير عزيز بلمير. قمت بتسجيلها على حسابي الخاص، له الحمد أن لاقت استحسان الجميع وبهذا الاستحسان أفخر رغم كل القيود والعقبات.
عدا ” حضر عقلك ” نجدك لا تنفكين عن ترديد أغاني سلطانة الطرب المغربي و العربي قاطبة عزيزة جلال، لماذا عزيزة جلال؟
- أنا من المعجبات بالصوت الطروب ذي الخامات القوية والرنة السحرية، صوت افتقدته الساحة العربية عموما والمغربية خصوصا، فكلما انضاف لرصيدها جديد أسرعت بحفظه في حينه، فكما يعلم الجميع، أغانيها لم تكن سهلة ولا بالمتناول ووجدت فيها لذة التناول والترديد، لكني غنيت أيضا لنجاة الصغيرة واسمهان وفايزة أحمد.