الأحزاب المغربية.. شتاتٌ وتشرذم تحت يافطة التعدد بقيادة “المنادلين”!!
كما يكتب عبد العالي الطاهري
من منطلق ما أصبحنا نعاينه ونعايشه من ممارسات لا مسؤولة بل ولا أخلاقية تنظيميا،خلال أغلب المحطات الحزبية خاصة المؤتمرات الوطنية،وجب على المتخندقات والمتخندقين وراء مبتغى الريع الحزبي ووَهْمِ تحقيق الرُقي الطبقي عبر “القناطر” الحزبية،وجب عليهم وعليهن ألا يسقطوا، “قناعة” أو نفاقاً في فخ إضفاء القداسة على هذا الحزب أو ذاك،خاصة أن الأحزاب المغربية كمؤسسات للوساطة بين نظام الحكم والأمة،فقدت وبإطلاق الطرح هذه الصفة وهذا الدور الدستوري وقبله المجتمعي (الوساطة)،بعد أن تخلت عن مصداقيتها لدى المواطن،نتيجة تراكمات ولايات تشريعية وجماعية دون حصيلة مشرفة تذكر أو محطة تاريخية تشفع وتغفر،إلا إذا استثنينا حزبين أو ثلاثة هي جزء من إرث الحركة الوطنية،وقد انتقل إلى رحمة الله تعالى من صنعوا مجدها التاريخي ومن لازالوا على قيد الحياة قد انسحبوا من مشهدٍ سياسي ساده “المنادلون” بعد أن صنع مجده التاريخي والنضالي المناضلون..!!
ويكفي الرقم 35،كعدد وصولات الإيداع الحزبية لدى وزارة الداخلية ولن أقول عدد الأحزاب المشكلة لمشهد سياسي موبوء ومختل تنظيميا ومنهجيا وبنيويا،للوقوف على حالة التشرذم والشتات الحزبي المغربي تحت ” يافطة” التعدد..!!
مناسبة الحديث،ما شهده المؤتمر الرابع لحزب “الأصالة والمعاصرة”،والذي احتضنته مدينة الجديدة ابتداء من يوم الجمعة 07 فبراير الجاري،من عراك وصل حد الاشتباك بالأيدي وتسجيل إصابات في صفوف كلا تياري الصراع الحزبي،تيار محمد الشيخ بيد الله وتيار عبداللطيف وهبي،في مشهد أو مشاهد أقل ما يمكن أن توصف به أنها تجسيد دقيق وصادق لحالة الإفلاس التي تعبر عن حقيقة وجود الأحزاب بالمغرب،فلا هي لعبت أدوار تأطير وتمثيل المواطنين حسب الوارد في مقتضيات الدساتير الخمسة التي سبقت دستور 2011 (1962-1970-1972-1992-1996)،ولا هي استفادت من دسترة كونها آلية تنظيمية تسعى من خلال التنافس الانتخابي للوصول إلى السلطة،ما يعني تمثيل سلطة الأمة داخل المجالس المنتخبة حسب المعطى المستجد الوارد في الوثيقة الدستورية ل 2011.
واقعة مؤتمر الصدام غير الفكري ولا التنظيمي بين فيلق “أصالة” محمد الشيخ بيدالله وكتيبة “معاصرة” عبداللطيف وهبي،هي فقط حلقة أخرى من مسلسل العبث الحزبي المغربي.فبعد واقعة التراشق بالصحون في مؤتمر حزب الاستقلال وبعدها حادثة هجوم جزء من الشبيبة الحركية على منصة أحد اجتماعات حزب الحركة الشعبية والذي كان يرأسه أمين عام الحزب،امحند العنصر الذي كاد أن يكون ضحية “همجية” بعض عناصر شبيبته غير المروضين لا فكريا ولا سياسيا وقبلهما جمعويا وأخلاقيا،تعددت مشاهد العبث والاستخفاف بقيمة ودور الحزب داخل النسق السياس المغربي،فلا هي مثلت الشعب فأحسنت التمثيل ( اللهم إذا استثنينا التمثيل على الأمة)،ولا هي أطّرت فأحسنت التأطير،ولا هي سعت للوصول إلى السلطة بغاية تنزيل رؤية وبرنامج حزبي،يشكل جوهر تعاقدها المجتمعي مع المواطن،فما كان في وصولها إلى سدة الحكم أو المشاركة فيه،ضمانة لتحقيق الموعود به ولا الغاية من وجودها.
ما أحوجنا إلى أحزاب سياسية برؤى موضوعاتية وتيمات مجتمعية فيها ولو النزر القليل من صدق الإحساس الواعي بالانتماء للوطن،أحزاب تخلق فينا أمل العودة إلى حضن السياسة،على مرجعية الفعل والتفاعل مع حالنا وحيرتنا التي شملت كل مناحي حياتنا اليومية،لا أحزاب أقصى غايات وجودها،استنزاف أموال دافعي الضرائب عبر مسالك لا مشروعية قانونية لها ولا دستورية فيها،من قبيل الدعم الانتخابي والدعم السنوي..نعم قد تكون الوثيقة الدستورية متضمنة لباب أو فصل يرسم تخريجة ولن أقول صيغة،لهذا الهدر والاستنزاف القهري الظالم وغير المبرر للمالية العمومية من طرف هذه الكائنات غير النافعة المسماة “أحزاب مغربية”،لكن السؤال: كيف يستمر النسق السياسي المغربي في إنتاج المزيد من الأحزاب السياسية غير النافعة سوى لمن يسيرها وذويهم ومُريديهم،ويُبقي على وجودها رغم عدم جدوائيتها،بل وصارت تشكل معضلة وليس حلاًّ كما أريد وخُطِّط لوجودها مفاهيميا ودستوريا..؟!