الرائدة في صحافة الموبايل

تعديلات قانون المسطرة الجنائية.. خطوة نحو تحقيق التوازن بين حماية الحقوق وتطبيق العدالة

هل يمكن لقانون المسطرة الجنائية أن يستجيب فعليًا لمتطلبات الحقوق والعدالة معًا ويواكب روح العصر؟.. سؤال فرض نفسه وبحدة خلال يوم دراسي بمجلس النواب حول “مشروع قانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية”، الذي نظمته لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس النواب، بشراكة مع وزارة العدل ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وجمعية هيئات المحامين بالمغرب،

أكد وزير العدل عبد اللطيف وهبي في كلمته أن التعديلات المقترحة تنطلق من رؤية حديثة تستند إلى المرجعيات الدستورية والاتفاقيات الدولية، وفي مقدمتها دستور المملكة لسنة 2011 والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان ومكافحة الجريمة، مشيرًا إلى “أهمية مواكبة قانون المسطرة المدنية لطبيعة تحولات الفكر البشري”.

كما أوضح أن مشروع القانون شهد مستجدات عدة، منها تنظيم مسطرة التحقق من الهوية بدقة مع احترام حقوق الأفراد، إضافة إلى أهمية تسريع ورش رقمنة المحاكم باعتبارها ركيزة أساسية للتنزيل الأمثل للإجراءات القانونية. وشدد وهبي أيضًا على ضرورة ضبط الاعتقال الاحتياطي وتقنينه وفق معايير دقيقة، مع تقليص مدده وتعليل قراراته، معتبرًا أن هذا التدبير قد تجاوز إطاره القانوني ليصبح إشكالية أخلاقية وقضائية.

من جانبه، وصف وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، المشروع بأنه رافعة أساسية لتكريس مبادئ الحكامة الجيدة والعدالة الناجعة، مؤكدًا أن نجاحه يظل رهينًا بانخراط كافة الفاعلين القانونيين والمؤسساتيين. وأشار ميداوي إلى دور البحث العلمي في تطوير المنظومة القانونية، منوهًا بأهمية التفاعل بين المشرعين والأكاديميين لضمان معالجة الإشكالات المطروحة وفق مقاربات علمية متجددة.

وفي سياق موازٍ، شدد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بشير الراشدي، على أن المسطرة الجنائية ليست مجرد إجراء قانوني، بل جسر أساسي نحو تحقيق العدالة الجنائية، مما يجعل مراجعتها ضرورة ملحة لضمان عدم إفلات مرتكبي أفعال الفساد من العقاب. وأشار إلى أن الهيئة قد قدمت رأيًا تفصيليًا حول المسودة الأولى للمشروع، غير أن التعديلات اللاحقة لم تستجب سوى لتوصية واحدة من توصياتها، ما يثير تساؤلات حول مدى استيعاب القانون لمستجدات الجرائم المالية وأساليب مكافحتها.

هذا وشكل اللقاء الذي جمع ممثلين عن القطاعات الحكومية وغير الحكومية، إلى جانب أكاديميين وخبراء في القانون، وطلبة ماستر ودكتوراه ورجال صحافة وإعلام، فرصة لإعادة التفكير في الأسس التي ينبغي أن يقوم عليها القانون الجديد ومدى قدرته على تحقيق التوازن بين حماية الحقوق وتطبيق العدالة. فهل ستنجح التعديلات في تجاوز الثغرات السابقة، أم ستظل الحاجة إلى مراجعات واردة قائمة، بالنظر إلى تطور الجرائم وأساليب مكافحتها؟

لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات

هي واحدة من اللجان الدائمة بالبرلمان، وتضطلع بمهام جوهرية في التشريع والرقابة، خاصة فيما يتعلق بمنظومة العدالة والحريات الأساسية. يشمل نطاق اختصاصها دراسة القوانين ومراقبة السياسات العمومية المرتبطة بحقوق الإنسان، إلى جانب الإشراف على الملفات المرتبطة بعدة مؤسسات وهيئات وطنية ذات صلة.

كما تعنى اللجنة، على وجه الخصوص، بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما في ذلك التشريعات والسياسات ذات الصلة، إضافة إلى قطاع العدل من حيث الإطار القانوني والتنظيمي والتدبيري، فضلاً عن الأمانة العامة للحكومة وما يرتبط بها من مشاريع قوانين ونصوص تنظيمية، إلى جانب العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني في سياق تعزيز الديمقراطية التشاركية. في

كما يشمل اختصاص اللجنة تتبع عمل المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ومتابعة أوضاع المؤسسات السجنية، فضلاً عن دراسة التقارير والآراء الصادرة عن المؤسسات الدستورية ذات الصلة، مثل المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز ومؤسسة الوسيط، مع اضطلاعها بدور محوري في دراسة الميزانيات الفرعية لهذه المؤسسات، إلى جانب التفاعل مع تقاريرها وتوصياتها، بما يرسّخ دور البرلمان في ضمان الحكامة الجيدة وسيادة القانون.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد