ترامب يتعامل مع غزة بمنطق “الكوبوي والمزرعة”
دنا بريس – كريم محمد الجمال
وسط تصاعد التوتر في المنطقة، تعود فكرة تهجير الفلسطينيين إلى الواجهة، مدفوعة بتوجهات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أعلن في ولاية سابقة وفي أكثر من مناسبة رفضه لحل الدولتين، وتلميحه إلى ضرورة إعادة تشكيل الخارطة الديموغرافية في الأراضي الفلسطينية.
تعود ترامب أن يتعامل بمنطق رعاة البقر، فلطالما ظهر في الإعلام كأقوى رجل بشخصية كاريزمية قادرة على حل المشاكل تارة بالمال والأعمال وتارة بالقوة والجاه، وبأسلوب يختلف عن أسلافه السابقين وربما حتى اللاحقين من الرؤساء الأمريكيين.
فهذا الأخير جاء إلى الرئاسة محملاً بتعهدات من اللوبي الصهيوني بحل الأزمة الفلسطينية بسرعة، وبالتالي فهو بحاول أن يكون رئيسا على غير العادة وبطرح حلولًا غير تقليدية.
لذلك فتصريحاته السابقة حول “توسيع مساحة إسرائيل” و”شراء غزة”، تعبير صارخ عن عقلية “الكوبوي” الذي تعامل مع غزة وكأنها مجرد “مزرعة” قد تباع وقد تشترى، وفد يجلى منها أصحاب الأرض ويتم تهجيرهم، مما أثار تساؤلات حول جدية هذه الطروحات ومدى واقعيتها.
ومع اندلاع الحرب الأخيرة على غزة، تتزايد المخاوف من مخططات تهجير قسرية، حيث تسعى إسرائيل إلى فرض واقع جديد، بدعم أميركي، يُخرج الفلسطينيين من القطاع وربما يمتد إلى الضفة الغربية. وفي هذا السياق، تتجه الأنظار إلى الدور العربي، وخاصة مصر والأردن، باعتبارهما الأكثر تأثرًا بأي تحركات ديموغرافية مفاجئة.
مصر بين الرفض والمخاوف الاقتصادية
أكدت القاهرة موقفها الحاسم برفض أي مخطط لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وهو الموقف الذي تدعمه دول عربية وإسلامية كتركيا، إيران، المغرب، والأردن. لكن في المقابل، تواجه مصر ضغوطًا مالية، إذ يخشى بعض المراقبين أن تلجأ واشنطن إلى استخدام سلاح المساعدات الاقتصادية وإلغاء الديون لإقناع بعض الدول بقبول حلول مؤقتة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها مصر والأردن.
نتنياهو يناور… والرهان على استمرار التصعيد
على الجانب الإسرائيلي، يسعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى إبقاء التصعيد العسكري مفتوحًا، مستخدمًا تكتيكات تفاوضية لتعطيل أي هدنة، في محاولة للسيطرة على مناطق إستراتيجية مثل محور نتساريم وفيلادلفيا، وهو ما يعزز فكرة أن التصعيد الحالي ليس مجرد رد عسكري، بل خطوة لتغيير المعادلات السياسية والجغرافية.
في ظل هذه التعقيدات، يترقب الجميع ما ستكشف عنه الأيام القادمة، خاصة مع اقتراب موعد إطلاق سراح أسرى الاحتلال يوم السبت المقبل، في خطوة قد تحمل معها إشارات حول التوجهات القادمة في ملف التهجير والمفاوضات الإقليمية.