الجزائر تستقبل انفصاليين أكراد في تندوف لاستفزاز أنقرة
عثمان بنطالب: ناشط حقوقي دولي خبير في الشأن المغاربي، مدير أنباء إكسبريس
بعد الأزمة التصاعدية المتواصلة وغير المسبوقة بين فرنسا والجزائر، أصبحت كذلك العلاقات الثنائية بين الجزائر وأنقرة، تفقد الثقة بالإضافة إلى أن التشاور السياسي والتنسيق الأمني أصبح شبه منعدم في عدة مجالات وقطاعات.
بوادر أزمة بين الجزائر وتركيا، بسبب أن النظام الجزائري يرغب في تحريك الخلايا النائمة الانفصالية الأكثر تطرفا وخطورة على أمن الدولة التركية واستفزازها.
المخابرات الجزائرية، تقوم بمحاولة المناورة والتدخل عن بعد فى الشأن الداخلى لتركيا، وزعزعة استقرارها.
حيث قام النظام الجزائري في خطوة تصعيدية غير مسبوقة وغير محسوبة العواقب، وسمح بدخول وفد تابع لحركات كردية انفصالية إلى مخيمات تندوف الجزائرية ورفع شعارات ضد دولة تركيا، كما رفع النشطاء المؤيدين لاستقلال كردستان علم “روجافا” إلى جانب علم ميليشيا “البوليساريو” الإرهابية.
أسباب استفزاز الجزائر لتركيا
في خطوة مفاجئة أقدمت الجزائر على استفزاز أنقرة، وفي نفس الوقت الرد على دعم تركيا للمجلس العسكري الحاكم في مالي المناوئ للجزائر، وكذلك بسبب المسيرات التركية.
حيث كشفت تقارير فرنسية مؤخرا، بأن الجيش الجزائري، سبق أن اعترض مسيرة بدون طيار تركية الصنع قرب الحدود الجنوبية مع دولة مالي، في ظل التوترات التي تشهدها العلاقات بين البلدين، وذلك بسبب التدخل الجزائري العسكري ضد مالي وتهديدها بشكل سافر.
ووفق التقارير الفرنسية، تؤكد بأن القوات المسلحة المالية، شنت منذ غشت الماضي سلسلة من الضربات بالطائرات بدون طيار من صنع تركي استهدفت مناطق محيطة بمدينة تين زواتين، وهي بلدة حدودية تقع بين مالي والجزائر، بعد أن تعرضت مالي إلى خسائر فادحة في صفوف قواتها المسلحة خلال الاشتباك الذي جمع بين متمردي أزواد المدعومة من طرف الجزائر والجيش النظامي المالي ومقاتلي مجموعة فاغنر.
وفي هذا السياق، اتهمت مالي الأسبوع الماضي النظام الجزائري بـ “دعم الجماعات الإرهابية، والتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد “وذلك في إشارة واضحة إلى دعمها لحركة “الأزواد” التي تسعى لانفصال عن شمال مالي.
وقد أكدت باماكو سابقا بأنها قتلت، العشرات من الإرهابيين، وهم متمردي “شعب أزواد” بواسطة مسيرات تركية والجزائر وفق عدة مصادر تؤكد بأنها، تولت رعاية العديد من المصابين في الهجوم المالي، مما يوضح دعم الجزائر الدائم للمتمردين والانفصاليين جنوب البلاد، ودعت إلى فرض عقوبات من الأمم المتحدة على الهجمات المرتكبة، وبتنديد بمقتل العديد من الانفصاليين في تين زواتين، بسبب المسيرات التركية.
وللإشارة، سلمت تركيا أكثر من ستة طائرات بدون طيار إلى الجيش المالي، والتي تُستخدم بشكل خاص ضد المتمردين الإرهابين.
ومما يعزز هذا الواقع، أفاد كذلك تقرير إسباني بأن “الجزائر أصبحت مسرحاً جديدا للتوتر بين أفريقيا وتركيا”، وبأن المعطيات تلمح إلى وجود أزمة كبيرة صامتة وعميقة بين الجزائر وأنقرة، وفي عدة ملفات إقليمية وثنائية.
ووفق نفس التقرير الإسباني، يقول بأن مقاربة النظام الجزائري لحل الأزمة في ليبيا يتعارض مع توجهات أردوغان واستراتيجيته، وأن تحركات الجزائر الدبلوماسية تؤكد وجود أزمة بين البلدين “تركيا والجزائر”.
كما أن الجزائر تصف أردوغان بأن له أطماع في ليبيا، وبأنه أغرقها بالإرهابيين المرتزقة وساهم في استمرار الأزمة الليبية.
وكذلك الوجود التركي قرب الحدود الجزائرية يقلق الأخيرة، فتحاول استفزاز ها بكل الطرق، وقد أصدرت الجزائر تقارير إعلامية تقول بأن هناك محاولات من تركيا للتجسس على الجزائر بعد أن ربطت عدة اتصالات مع عسكريين بهدف منحها معلومات حساسة عن الجيش الجزائري، وخصوصا عن أماكن وجوده على الحدود مع ليبيا وكذلك على الحدود مع مالي.
ومن بين أهم الأسباب، التي أفاضت الكأس، عندما تم تسلم هذا الأسبوع دفعة جديدة من الطائرات التركية بدون طيار من طراز “بيرقدار تيبي 2” للقوات المسلحة الملكية المغربية.
وذكرت تقارير تركية بأن “هذه العملية تندرج في إطار الجهود المتواصلة لتحسين القدرات العسكرية المغربية ومواكبة التقدم التكنولوجي الحديث”.
وجدير بالذكر، وفق البيانات تعتبر طائرة “بيرقدار تيبي 2” من النماذج الرائدة في قطاع الطائرات بدون طيار، إذ تتميز “بقدرتها على أداء مهام دقيقة في بيئات معقدة والطيران لمسافات طويلة، ما يجعلها أداة فعالة في العمليات العسكرية الحديثة.
وهي مجهزة بأنظمة تتبع ومراقبة متقدمة، “ما سيسمح للجيش المغربي بجمع معلومات استخباراتية دقيقة وتحليلها في الوقت الحقيقي، وبالتالي تحسين فعالية الجيش.
النظام العسكري الجزائري، أصبح يعيش آخر أيامه وقد يلفظ أنفاسه الأخيرة في أي وقت، بسبب جر البلاد والمنطقة إلى أزمات مفتعلة غير مسبوقة، وخلق جبهات وصراعات مع دول قوية على رأسها فرنسا وتركيا وهما المستعمران السابقان للجزائر.
حيث تعتبر تركيا أقدم مستعمر للجزائر، وقضت الامبراطورية العثمانية ثلاثة قرون بها، عملت على تغيير البنية السكانية للجزائر، وأنشأت ما يسمى بالعرق “الكرغلي” وهو مزيج للاتراك والجزائريات، ولم يتأتى للمقاومة الجزائرية طرد الترك، حتى جاء الاستعمار الفرنسي، الذي عمر هو الآخر قرنا وثلاثين سنة.
وقد ترك الاستعمار الفرنسي، ثلة من العسكريين العجائز والسياسين الصعاليك مثل بوخروبة المقبور يحكمون الجزائر حتى بعد إستقلالها، وتبون هو نتاج هذه المنظومة السياسية الهجينة التي لايمكن وصفها في قواميس الأنظمة السياسية فهي خارج التغطية التاريخية وعلى هامش الواقع الإقليمي والدولي.