السفير أحمد التازي يروي تفاصيل وثيقة الاستقلال المغربية ودورها في تحرير الوطن
دنا بريس – متابعة
من قلب السفارة المغربية في أبوظبي، وبمناسبة الذكرى الحادية والثمانين لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، أجرت الإعلامية الألمعية فريال الزياري حوار مائزا مع معالي سفير المملكة المغربية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، السيد أحمد التازي، تناول خلاله الأبعاد التاريخية والسياسية لوثيقة الاستقلال التي شكلت علامة فارقة في مسيرة التحرر الوطني.
استهل السفير أحمد التازي حديثه بالتأكيد على أن الوثيقة عنوان على تبصر الملك الراحل محمد الخامس ومعه أقطاب الحركة الوطنية المغربية والمقاومون المغاربة، الذين استشعروا أهمية العمل الجماعي لتحقيق الاستقلال. مؤكدا أن الوثيقة التي قُدمت في 11 يناير 1944 عكست جرأة المغاربة ووحدة الصف والإصرار على إنهاء نظام الحماية الفرنسية الذي كان يجثم على أنفاس الشعب المغربي، مشيرًا إلى أن أهمية الوثيقة من حيث الظرفية الجيوسياسية التي أحاطت بالعالم آنذاك، خاصة خلال الحرب العالمية الثانية.
وجوابا على سؤال حول سياق الوثيقة، أوضح السفير أنها جاءت بعد سلسلة من المحاولات الوطنية لتحقيق الاستقلال، بدءًا من تقديم كتلة العمل الوطني مذكرة احتجاج في ديسمبر 1934، مرورًا بتأسيس أحزاب سياسية مغربية مثل حزب الاستقلال وحزب الشورى، وصولًا إلى مؤتمر أنفا في يناير 1943، الذي شهد لقاءً بين الملك محمد الخامس والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، حيث نجح الملك في إقناع روزفلت بمشروعية مطالب المغرب بالاستقلال.
وأشار السفير إلى أن الوثيقة وُقعت من قِبل 66 شخصية تمثل مختلف شرائح المجتمع المغربي، منهم العلماء والقضاة والمثقفون، بل كان بينهم مليكة الفاسي المرأة الوحيدة التي شاركت في التوقيع على الوثيقة، ما يعكس شمولية الحركة الوطنية في تمثيلها لكافة فئات المجتمع. كما لفت الانتباه إلى أن الوثيقة خرجت من منزل أحمد مكوار بفاس، وهو الموقع الذي لا يزال شاهدًا على ذلك الحدث التاريخي إلى يومنا هذا.
وأوضح السفير أن الوثيقة سُلّمت للمقيم العام الفرنسي والقناصل العامين لكل من بريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، حيث انتشر خبرها في الأوساط الدولية وأصبحت مصدر إلهام للحركات التحررية في العالم العربي وإفريقيا. إلا أن الرد الفرنسي على الوثيقة كان قاسيًا، إذ لجأ المستعمر إلى سلسلة من الاعتقالات طالت شخصيات بارزة، بالإضافة إلى قمع مظاهرات الشعب المغربي، وهو ما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا.
وفي حديثه عن أثر الوثيقة على مسار التحرير، نبه السفير إلى أن النضال المغربي لم يتوقف منذ فرض الحماية في 1912، بل استمر بأساليب متنوعة، سواء عبر المقاومة المسلحة أو التحركات السياسية. إلا أن الوثيقة شكّلت إعلانًا شعبيًا واضحًا بأن المغاربة لن يقبلوا إلا بالاستقلال الكامل تحت قيادة ملكهم محمد الخامس.
وفي معرض حديثه عن محطات الاستقلال، أوضح السفير أن مسيرة التحرر توجت بعودة الملك محمد الخامس من المنفى في نوفمبر 1955، تلتها مراحل تدريجية لاسترجاع السيادة الوطنية، بدءًا من رفع الحماية الفرنسية واستعادة المناطق الشمالية، وصولًا إلى المسيرة الخضراء التي أعادت الصحراء المغربية إلى أحضان الوطن. كما شدد على أن هذا النهج اعتمد على الحكمة والالتزام بالقانون الدولي، ما جعل تجربة المغرب نموذجًا يحتذى به في التحرر السلمي.
وفي ختام الحوار، أشارت الإعلامية فريال الزياري إلى أن الحوار مع السفير أحمد التازي أعاد إحياء الروح الوطنية وسلط الضوء على التضحيات الجلال التي قدمها المغاربة من أجل الاستقلال. كما أكدت فريال أن الاحتفاء بذكرى تقديم وثيقة الاستقلال يمثل رسالة مهمة للأجيال القادمة لترسيخ القيم الوطنية والعمل من أجل بناء مستقبل مشرق. كما عبّرت عن شكرها للسفير على هذا اللقاء، ورفعت أسمى عبارات التقدير لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي يواصل قيادة المغرب نحو التنمية والازدهار، مستلهما إرث الأجداد وتاريخهم النضالي.