سقوط نظام الأسد يفضح القرار السياسي والخطاب الاعلامي الجزائري
هيية تحرير دنا بريس
اعتمد الخطاب الإعلامي لمحور المقاومة، والذي كان أحد أركانه النظام السوري السابق، على فكره الوحدة بين دول المنطقة لمواجهة التدخل الأمريكي والتوسع الإسرائيلي في المنطقة من خلال عاملين أساسيين وهو دعم دعم فصائل المقاومة سواء في فلسطين أو في لبنان أو حلفائها في اليمن والعراق، والعامل الاخر هو استقرار الدول ووحدتها وسيادتها واستقلال قرارها الوطني والتعاون الاقتصادي فيما بينها بعيدا عن الهيمنة الغربية.
وبالنظر الى تجربة الحرب الأخيرة في غزة ولبنان. فقد كانت وحده الساحات حاضرة بين جبهات القتال في فلسطين جبهات المساندة في المواقع الاخرى. وهو امر يبدو انه لن يستمر على الأقل في المدى القريب فقد وقع لبنان على اتفاقية لوقف إطلاق النار مع إسرائيل وقررت الالتزام بالمواثيق الدولية وستنكفأ المقاومة في لبنان على العمل داخل الحدود وجهود إعادة الاعمار وترتيب البيت السياسي الداخلي في لبنان دون المشاركة في أعمال خارج الحدود، مثلما كان يحدث في سوريا وسوريا كانت تمثل خط الإمدادات الأساسي والرئيسي للجبهات في لبنان وفلسطين بالإضافة لكونها منصة إعلامية يجتمع فيها القوميين العرب من كل الاقطار العربية، وتمثل همزه الوصل بين أصحاب التوجهات القومية العربية وبين ايران الممول الرئيسي بالمال والسلاح لهذا المحور.
وحتى النظام الايراني بدأت تتغير اتجاهاته بوصول مسعود بزشكيان للرئاسة، وبعد رحيل الصقور في النظام مثل قاسم سليماني وقاده الحرس الثوري في سوريا وابراهيم رئيسي الرئيس الراحل، أصبح التوجه الان نحو التهدئة خصوصا مع وصول ترمب مما يعني ان هناك على الاقل أربع أعوام ستعمل فيها ايران على طاولة المفاوضات للمحافظة على مكاسبها وعلى الاقل الخروج بمكسب القنابل الذرية التي تنوي تصنيعها في مقابل اخلاء بعض المواقع أو انحسار نفوذها في بعض العواصم العربية.
أما العامل الاخر وهو الاستقلال الوطني ووحدة الصف والعمل على حل مشاكل الدول دون التدخلات الخارجيه فربما ستتجه المنطقة جميعا الى التهدئة على جميع الجبهات والتفاهم مع القوى الكبرى لتضميد جراح العام الماضي ومنعا لاشتعال مناطق اخرى تكلف المنطقة الكثير.
بالنظر وتحليل اداء الاعلام والسياسة في الجزائر فسنجد ان الجزائر وهي التي تعتبر نفسها امتداد لمحور المقاومة في شمال افريقيا قد اتخذت كل الاجراءات الممكنة لدعم القضية الفلسطينية ودعم محور المقاومة ولكن من خلال الشعارات والخطابات الرنانة، أما على مستوى الواقع فان تصرفات الجزائر كانت تتسم بالتناقض بل ان تصرفات الجزائر هي العكس.
السلوك الجزائري نحو دعم عصابه البوليساريو هو موقف لا يدعو لتحرير شعب اقليم الصحراء المغربية ولكنه موقف يساعد على عدم استقرار وجفاء المغرب حقه في السيادة الكامله على ترابه الوطني ووحدة أراضيه. والاعلام الجزائري الذي دأب على ترديد الأكاذيب حول القيادة في المغرب يعاكس ويناقض ما تدعيه الحكومة والاعلام الجزائري ويفتح الباب نحو التدخلات والاستقواء بالخارج وهو ما تحاول ان تفعله الجزائر بدلا من دعم حل سلمي مثل المقترح الذي تقدمت به المغرب عام 2007 ، بل والأكثر من ذلك تقدم الدعم لجماعة انفصالية وتوفر لهم غطاء سياسي وتدفع لهم الاموال في حين ان الشعب الجزائري يحتاج الى تنمية حقيقية. وقد ازدادت الفجوة بين المغرب والجزائر على مستوى التقدم والتكنولوجيا والدخل الاقتصادي.
وبدلا من ان تدعم الجزائر جهود المغرب المؤثرة دبلوماسيا لدعم القضية الفلسطينية وحل النزاعات من خلال العلاقات الدولية والساحة الدبلوماسية، وهي مؤثرة على مستوى المحكمة الجنائية الدولية والقرارات الأممية، تسعى الجزائر إلى تشويه الصورة التي يحاول المغرب أن يجملها ليس من أجل شعبه وحده ولكن لدول المنطقة كافة بنفي تهم الإرهاب ودعم الميليشيات عنهم.
فلم تقدم الجزائر السلاح الفلسطينيين ولا لغيرهم الذين يقاتلون اسرائيل، وانما وجهت كل طاقاتها لزعزعة الاستقرار في المنطقة مما يزيد العزلة عليها الآن مثلما العزلة كانت على سوريا وعلى إيران، التي تحاول جاهده الخروج من هذه العزله والاندماج في محيطها العربي والمجتمع الدولي.
ربما يكون سقوط الرئيس بشار الاسد إشارة وهو الذي فتح مكاتب في سوريا لعصابه البوليساريو، ربما على الجزائرين ان يفهموا ان هذا العهد قد ولى وان الزمان قد تجاوزهم وان عليهم، ولكي يقدموا الدعم للفلسطينيين، لابد ان يتحصلوا على اقتصاد قوي وتاثير على الساحة الدولية وهو غير موجود الآن، في بلد اقتصاده مترنح ويعاني. وأول طريق لحل مشاكل الجزائر هو التخارج من دعم عصابة البوليساريو ودعم الأصوات النشاز الانفصالية المسماة بالحزب الريفي وغير ذلك من قضايا خاسرة والتعاون مع محيطه العربي والاسلامي والافريقي والمتوسطي واول هذا المحيط هو المغرب، لانه عاجلاً أم آجلا سيتم الاعتراف بالحق المغربي في صحراءه واعتماد الحل الدبلوماسي والمقترح المغربي،وحينها ستكون الجزائر في مشكله أكبر ليس مع المغرب ولكن مع كل المنظومة الدولية.