الرائدة في صحافة الموبايل

عين “الشابل” على إملشيل خلال موسم “الخطوبة”!

إملشيل، هذا الاسم الرنان الذي يترك في نفس قارئه أو قائله شيئاً مميزاً، هو لجماعة ترابية تقع في قلب جبال الأطلس الكبير الشرقي. فهي محاطة بأحزمة جبلية وعرة المسالك والتضاريس من كل الجهات. يبعد مركز إملشيل عن عاصمة إقليم ميدلت بحوالي 210 كلم، حيث تزيد نصف هذه المسافة على ارتفاعات وانخفاضات ومنعرجات خطيرة. للوصول إلى إملشيل من مركز مدينة ميدلت، يمكن اختيار عدة طرق، منها عبر الريش أو عبر تونفيت أو عبر طريق سيدي إيحيا وسعد، أغبالة نايت سخمان، وهي أسهل الطرق نسبيًا، حيث يستغرق قطع المسافة ما بين ثلاث إلى أربع ساعات حسب نوع السيارة.

تُعتبر جماعة إملشيل واحدة من أفقر الجماعات القروية، ليس فقط في إقليم ميدلت، بل في جهة درعة تافيلالت. وقد شهدت في السنوات الست الماضية جفافًا قاسيًا أثر بشكل كبير على النسيج الاجتماعي لسكان المنطقة، حيث أدى إلى تغييرات في نمط العيش، مع انتقال العديد من السكان من الترحال إلى الاستقرار في الدواوير والمداشر، أو حتى الهجرة إلى ضواحي مدن الريش، ميدلت، الراشيدية، والمدن الكبرى في الجنوب والشمال.

سبب الحديث عن هذه الجماعة الآن هو انعقاد واحد من أقدم وأشهر المهرجانات السنوية في شمال إفريقيا، وهو مهرجان الولي سيدي احماد أولمغني أو مهرجان الخطوبة وموسيقى الأعالي، الذي يُقام في الفترة من 19 إلى 21 شتنبر 2024. ورغم أن البعض يعترض على تسمية “مهرجان الخطوبة”، إلا أن هذا الموسم له طابع تجاري بحت، ويعود تنظيمه الذي عرفت اساليب الاحتفالات فيه تطورا ملحوظا؛ إلى قبيلة آيت حديدو العريقة.

إملشيل هذه الأيام؛ أصبحت محط أنظار الآلاف من الزوار من داخل وخارج المملكة، حيث تتصدر عناوين الأخبار وتحظى بتغطية إعلامية محلية وإقليمية ودولية واسعة. شعار هذا العام للمهرجان هو: “تراثنا اللامادي قاطرة للتنمية المحلية”، ويهدف إلى تعزيز التراث اللامادي بالمنطقة والعمل على إشعاع تقاليد الثقافة الأمازيغية الأصيلة.

ورغم الاهتمام الإعلامي الكبير الذي يحظى به مهرجان إملشيل، إلا أن الجماعة تعاني من التهميش والعزلة طيلة باقي أيام السنة، خاصة في فترات تساقط الثلوج والبرد القارس، وكذلك خلال العواصف الرعدية في الصيف والخريف، التي تتسبب في تدمير المحاصيل والطرق بفعل السيول والانجرافات الجبلية.

موسم سيدي احماد أولمغني يعد من أقدم المواسم بالمغرب، وهو فرصة لبيع وشراء مختلف السلع، ويشهد تنظيم العديد من الأنشطة الدينية، الاجتماعية، الرياضية والفنية، ما يجعله متنفسًا حقيقيًا لسكان هذه المنطقة الجبلية التي تتميز بثرواتها الطبيعية، السياحية والمعدنية.

في الختام، تحتاج إملشيل إلى مشاريع هيكلية كبرى تربطها بالقطاعات الاقتصادية الهامة وتنتشلها من العزلة والهشاشة الاقتصادية. إملشيل، الخفيفة على اللسان والصعبة في المسالك، وغيرها من الجماعات المشابهة في إقليم ميدلت، تستحق نصيبها العادل من التنمية المستدامة.

*حميد الشابل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد