المائدة الرمضانية بين الأمس واليوم
دنا بريس _ نادية الصبار
تعتبر المائدة الرمضانية المغربية من الموائد الجميلة والرائعة التي تجمع بين المالح والحلو الذي تمتاز به بصفة عامة وفي رمضان بصفة خاصة.
إلا أنها عرفت تحولا كبيرا بالانفتاح على ثقافات أخرى كما عرفت نوعا من البذخ و نوعا من الاختلاف والتباين من أسرة لأخرى بعد أن كانت نمطية وإلى حد كبير.
فلقد كان المغاربة ولعهد غير بعيد يكتفون بتمر وباكور مجفف (شريحة) شباكية أو مخرقة، سلو أو السفوف أو التقاوت نسبة للقوت، وفطائر محلاة ك”البغرير” أو “الخنفرة ” (شبيه القطايف) ،البطبوط أو المخمار (قريب من العيش الشرقي) مسمن أو رغايف (شبيه المشلتت المصري).
وكلها فطائر تتوحد من حيث المكونات وتختلف من حيث طرائق الصنع مما ينعكس تباعا على شكلها ومذاقها، بالإضافة إلى حريرة بيضاوية أو فاسية أو حساء الدشيشة ( سميد الشعير ) أو القمح، دون نسيان الشاي أو القهوة حسب المناطق.
فلقد كانت بحق؛ مائدة بسيطة يتساوى فيها الغني والفقير مع بعض الفوارق، يتلوها في الغالب الأعم طاجين مغربي للعشاء وسلطة مغربية وتحلية اعتيادية: جزر مبشور وبرتقال معصور مع القرفة. باستثناء بعض المناسبات كليلة السابع والعشرين التي تتزامن وليلة القدر، والتي يحضر فيها طبق “الرفيسة” أو “التريد ” ويجتمع حوله الأهل والأحباب، لتبقى وجبة السحور مسك الختام.
فإذا عدنا للغايات من الصيام فإنها مستبعدة وبذل التقلل في شهر الامتناع، صار فرصة للتبذير والتباهي، بل تزيد المغريات عوض أن تتناقص، ولا حديث للناس إلا عن القفة وتبعاتها، كما تتبادل النساء عبارات التهاني في الهواتف و الشبكات الاجتماعية مع جملة صارت اعتيادية “رسلي لي شي شهيوة ساهلة ولذيذة “.
ونظرا للجبر و الإغراء الذي لا يمكن لمدبرة البيت وحدها مقاومته إلا بوعي أسري كامل، وحتى في وجوده لابد من الأخذ بعين الاعتبار الساعات الطوال للصيام مع شيء من الخضوع لإكراهات الظرف الذي نعيشه ولكثرة الإغراءات على السوشل ميديا وغياب ثقافة سليمة، لذلك أقله أن نكون وسطيين بين النمطية والاختلاف وبين التقلل والبذخ.
سبق وتم نشرها على موقع الحدث24 وعلى دنا بريس ونعيد نشرها بمناسبة شهر رنضان الفضيل.