عاملات الجنس .. أو الدعارة، ذلك المشترك الإنساني المسكوت عنه ..(ج2)
- وقد تم اتخاذ بيوتات لدعارة سميت مواخيرا، تقع على الطرق التجارية لتكون محطات راحة للعابرين، وعلى أطراف المدن والقرى، ومنها بين عبد الله بن جدعان في مكة، والطائف، قد انتشرت حارات البغايا في عدد من المدن عند العرب قبل الإسلام، وكذا الأسوق
- الدعارة قديما ..
… ولابأس من استحضار رفض المصريين القدامى للبغاء، حث اعتبروا الفقر والتقليد والجهل من أسبابه المباشرة، وقد يكون ذلك بسبب التجارة أو لشهوانية النفس، ومرد كل هذا في نظرهم للغياب الاحتراز في تربية الأبناء واختلاط الأشقاء، فتيان وفتيات، في أماكن النوم دون تعفف او حجب لأعضائهم التناسلية، وبالتالي يكون المجال مفتوحا لاستباحة أجساد بعضهم البعض(1). وممارسة البغاء تقتضي الزجر والمتابعة الحكومية، ولو أنهم يلقون باللوم والخطيئة على المرأة باعتبارها هي مصدر البلية، معتبرين النفس البشرية تمسل للشر كلما زاغت عن الاعتدال، فينجم عن ذلك الضرر والإفساد داخل المجتمع. وهنا لابد من الملاحظة أن تناول الظاهرة لم يتم بشكله الصحيح، إذ تتم مقاربته أمنيا وأخلاقيا، باعتباره فعلا مذموما، علما انه واقع لا محالة داخل كل مجتمع، نما وتطور مع الحضارة البشرية.
لقد اهتم الفراعنة بالمرأة وأخلاقها كي لا يتفشى الفساد في المجتمع، وينم ذلك احترام للمرأة، فهي ربة البيت والمسؤولة عن تربية الأبناء، لأن التربية السليمة مبتدآها الأسرة، ومحاربة البغاء إنا هو حفاظ على نقاء الأنساب.
يبدو أيضا أنه تم صياغة القوانين من طرف الرجل منذ الحضارات القديمة، يونانية ورومانية، بحيث لم يكن للمرأة وع اعتباري سوى ما يخطط له الرجل، وهو المر الذي تطور مع مر الزمن والتقدم المجتمعات والحضارات، حيث تولدت واستمرت تلك النظرة الدونية للمرأة، نظرة العجز والاهتمام بالإنجاب، وهذا ما ساهم في التعامل معها كمصر لتلبية شهوات الرجل، وبالتالي احتقارها والدفع بها لامتهان البغاء. فالنظام الأخلاقي لا بمكن وضعها وتطبيقه بشكل تعسفي، أو بالأحرى يتوجب مقاربته وفق ما هو اقتصادي واجتماعي وسياسي، وهذا لن يتأتى إلا إذا تم الإقرار بالمسؤولية الجماعية عن تفشي الظاهرة من طرف جميع مكونات المجتمع، او المجتمعات، باعتبار أن ظاهرة البغاء قاسم مشترك بين جميع الشعوب، فالأمر لا يعني تقييد تصرفات أفراد مجتمع ما، بل إقناعهم بالوضع وبسلبية الظاهرة وانعكاسها على المجتمع، وكذا الجانب الصحي.
- العرب والبغاء ..
تعتبر الدعارة أو البغاء ظاهرة اجتماعية عرفتها المجتمعات العربية حتى قبل مجيء الإسلام. ولعل البغاء ارتبط عند العرب من خلال تجارة الرقيق، وفي ذلك دليل على عدم احترام المرأة، لن سوق النخاسة عرفت انتشارا واسعا في تلك الفترة واستمرت لزمن غير قليل، فكانت ظاهرة الجواري وإماء، حيث الجارية مباح جسدها لسيدها. بل كانت النساء يجبرن على البغاء، وقد انشئ لهذا الغرض بيوتات ونمت تجارة رابحة. وقد عرف عن العرب قبل الإسلام أن يعرض الرجل زوجته ليضاجعها شخص آخر حتى يقع حملها فتعود إليه، وهو ما عرف ب “الاستبضاع”، ثم استبدال الزوجات من أجل التغيير والمتعة، أو أن تصاحب الزوجة رجلين أو ثلاثة غير زوجها، أو يتوالى عدد من الرجال على مضاجعة امرأة واحدة.