الرائدة في صحافة الموبايل

المغرب: “شراع لأوربا ومحرك لإفريقيا في ظل السياسات المغربية الجديدة”

إعداد: جمال حدادي/ تصوير ومونطاج: يحيى بالي

          احتضنت جامعة محمد الأول بمركز الندوات بكلية الطب والصيدلة بوجدة يوم الثلاثاء 29 أكتوبر 2019 فعاليات الدرس الافتتاحي للموسم الجامعي 2019/2020، الذي حضره السيد الكاتب العام لولاية جهة الشرق والسيد رئيس جامعة محمد الأول وممثل عن مجلس الجهة وجماعة وجدة أنجاد والعديد من الشخصيات والأساتذة الجامعيين والطلبة الباحثين وثلة من المنابر الإعلامية التي لبت النداء لبرنامج هذا النشاط الذي انطلق على الساعة الرابعة بعد الزوال بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، كما وقف الحضور إجلالا واحتراما وأنشدوا النشيد الوطني، بعده تلا السيد محمد بن قدور رئيس جامعة محمد الأول كلمة ترحيبية بمناسبة افتتاح الموسم الجامعي الجديد، ورحب بالضيف الذي شرف هذه المناسبة البروفيسور جون ماري هيدت مؤلف كتاب “محمد السادس: رؤية ملك منجزات وطموحات”، وأطر ضيف شرف هذا الملتقى درسا بعنوان “المغرب: شراع لأوربا ومحرك لإفريقيا في ظل السياسات المغربية الجديدة”.

في البداية عبر ضيف جامعة محمد الأول عن فخره وشرفه باستضافة الجامعة له إثر دعوة السيد الرئيس بالتفضل بمشاطرة وجهة نظره في موضوع في غاية الأهمية، حول التقدم والازدهار الذي تتميز به المملكة المغربية، هذا البلد الذي تعرف إليه السيد المحاضر عبر حضور المغرب الفعلي لفعاليات مؤتمر المجلس الأوربي للمجتمع المدني، وحيث اقترح وهو إبان ذلك نائبا لرئيسه أن يترأس المغرب أعماله لكونه خير مَن سيمثل دول الجنوب، فتم ذلك للمغرب وبكل تميز ونجاح ومنذ 2003.

و نظرا لاهتمامات السيد المحاضر العلمية و لحسه في الملاحظة و حذقه بالتحليل، قارن بين نموذجين اثنين: بلد انتمائه سويسرا و المغرب، تبين له من خلال جدول ما اختلفَ و ما ائتلفَ، و ظهر جليا حسن تدبير مرحلة حرجة متمثلة في غليان في المحيط من الدول المجاورة للمغرب، في ظرفية من الثورات تم من خلالها الانتقال الديموقراطي بكل سلاسة بفضل رؤية ملكية سديدة و متبصرة، ساهمت في ضمان الأمن و الاستقرار المنشودين، رؤية أساسها مفهوم وحدة الأمة كروح محركة وملهمة لتحقيق التقدم و النمو و الازدهار، ناتج عن ثقة بالذات و عن توافر على مشاريع استشرافية، و كذا تشبث بروح التدبير الجيد و الرشيد خدمة للصالح العام، إذ كان المواطن المغربي و ما يزال و سيبقى في صلب اهتمام الرؤية الملكية و محورها سعيا بكل الوسائل لضمان العيش الكريم و تحقيق الرفاه لكافة المواطنين.

عنصر آخر وجب أخذه بعين الاعتبار ألا وهو الموقع الاستراتيجي للمملكة المغربية في عمق حوض البحر الأبيض المتوسط، بين الشمال حيث أوربا والجنوب حيث إفريقيا، وهما واجهتان متنوعتان، مع توافر قواسم مشتركة بينها، إذ يتميز الحوض المتوسطي بصبغة “الإقليمية”، للمغرب فيها مركز قيادي، مكنته من استثمار ظرفية النمو الديمغرافي والاقتصادي أحسن استثمار.

ظرفية جعلت المغرب أكثر تأهيلا من بين باقي الدول بفضل كفاءاته وتعدد موارده وتنوعها، وذلك على أصعدة شتى، مستجيبا لشروط تلك الظرفية ومستثمرا إياها أحسن استثمار، نظرا لعدة عوامل تَنَبَّه إليها العاهل الكريم وسعى بتوجيهاته السامية إلى أجرأة التدابير الناجعة وتفعيلها منذ توليه الحكم وعلى امتداد العشرين سنة ليكون المغرب في مستوى انتظارات الظرفية.

من خلال هذا كله كان استلهام العنوان الآتي: “المغرب شراع لأوربا ومحرك لإفريقيا في ظل السياسات الجديدة”، إذ سعت أوربا العجوز وهي في أمس الحاجة إلى أن تجري سفنها للبحث عن رياح شابة تحرك أشرعتها، فوجدت في إفريقيا ما تطلبه وتسعى إليه، لِما يجمع القارتين من مشترك ثقافي وحضاري ولأهمية الدينامية من حيث الشراكة والتعاون بين مختلف الأطراف.

ومَنْ سِوَى المغرب هو أقدر وأجدر والكفيل بأن تتوافر فيه الشروط اللازمة لتحقيق المنشود من مبدأ الشراكة؟ لتميز نموذجه التنموي بالديمقراطية والتمدن والتدبير الاقتصادي الرشيد والمعقلن، جعلت المملكة المغربية مستجيبة للتوقعات والانتظارات ومستوفية للشروط، خصوصا بعد مبادرة صاحب الجلالة بالعودة إلى منظمة الوحدة الإفريقية، وتوقيع المغرب لاتفاقات شراكة وتعاون ثنائي مع عدد كبير من الدول الإفريقية، من منصب القوة والمبادرة في مجالات وميادين عدة، بوأت المملكة مراكز السيادة والريادة عن جدارة واستحقاق ليصير المحاور الأساس والمفضل ليس فقط على الصعيد الإفريقي بل العالمي.

إن تعداد مراكز القوة و التميز و مواطن التمكن للمغرب لعديدة من أن تحصى و في المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و الدينية والإنسانية، إضافة إلى حسن التعامل مع ظاهرة الهجرة و التدبير المتميز بمبادرات تنموية في مجالات خصت الصحة والتقاعد والعدل وغيرها مع إصلاحات ديمقراطية جريئة وحداثية وفتح أوراش هامة كالجهوية المتقدمة وإشراك المجتمع المدني وطي صفحة الماضي والمضي قدما نحو البناء في المستقبل بالاستشراف والتخطيط، تنضاف إلى ذلك حكمة و تبصر في تنبه صاحب الجلالة لأهمية الثقافة و صناعتها كقاطرة للتنمية ووسيلة للتأثير بالسانح من الوسائل في التأثير في العالم، استشعارا لأهمية العلم والمعرفة في التحصين من التشدد والتطرف ومكافحته واستقطاب الشباب والإقبال على المستقبل بأمل وطموح.

هي إذن شمولية وتعددية كفيلة بإضفاء شرعية مستحقة على ريادة المغرب وسيادته تحت ظل السياسة المولوية السديدة المتمثلة في رؤية صاحب الجلالة الاستراتيجية والاستشرافية، سياسة جنوب جنوب والتي لا تكتفي بإبراز أهمية المغرب في إفريقيا فحسب بل تجعله يحظى بمكانة المحاور المفضل لدى الدول الأوربية وكذا لدى شراكات دول الجوار في السياق جنوب شمال.

رؤية صاحب الجلالة العصرية في العشريتين الأخيرتين غيرت نحو الأفضل ملامح الحكم في المغرب مع الحفاظ على أصالته ووحدته وتاريخه، مع تقدم وازدهار ونمو في إطار حوار ديمقراطي يجعل من المغرب اليوم جسرا رابطا بين أفريقيا وأوربا في هذا المتوسَّط من الأراضي.

واختتم هذا اللقاء بتوقيع للمؤلف وتقديم هدايا شرفية للكاتب من طرف الجامعة تكريما له، كما أنجز الزملاء الصحفيون حوارات صحفية مع الكاتب، واغتنم الفرصة طلبة جامعة محمد الأول لأخذ صور تذكارية مع البروفيسور جون ماري هيدت الذي يعتبر شخصية وازنة، فهو عضو بمرصد الدراسات جيوبوليتيك بباريس، وعضو بمركز الدراسات للرؤى الاستراتيجية بفرنسا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد