سؤال المنطق والفلسفة في الفكر العربي الإسلامي الراهن مع المفكر المغربي حمو النقاري
محمد امشيش – دنا بريس
سؤال المنطق والفلسفة في الفكر العربي الإسلامي الراهن مع المفكر المغربي حمو النقاري
نظمت مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث بالرباط يوم السبت 26 أكتوبر 2019، لقاء علميا مفتوحا حول موضوع، “سؤال المنطق والفلسفة في الفكر العربي الاسلامي الراهن”، مع المفكر المغربي حمو النقاري أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، وأبرز المختصين في المنطق وقضاياه، والحاصل على جائزة المغرب للكتاب سنة 1991، من مؤلفاته: “المنهجية الأصولية والمنطق اليوناني” وكتاب، “منطق الكلام من المنطق الجدلي الفلسفي إلى المنطق الحجاجي الأصولي”، والكتابين الأخيرين،”روح المنهج” و”روح التفلسف”.
يستهل الدكتور حمو النقاري حديثه في الموضوع، بأن سؤال المنطق والفلسفة في الفكر العربي الإسلامي الراهن، يتطلب جملة من الصفات لكي يسمى سؤالا أهمها: الاحتياج، الاستعطاف، الاستفسار، الاستخبار، الاستعلام، الاستبيان والبحث شرحا وتبسيطا وكشفا وتأويلا والمحاسبة، فلا سؤال يقول إلا بهذه الصفات والمميزات، وكل صفة من هاته الصفات تقتضي البسط واستخراج جملة من اللوازم. كما أن الحديث عن الراهنية والمعاصرة يستدعي الإشارة إلى جملة من المحددات والمعاني الأساسية المستمدة من معيننا اللغوي، وهي كالتالي:
1- المحددات الأساسية للراهنية:
القيام، وصف الدوام، الثبات، الهزالة، الضعف، الكفاف، الاحتباس.
2- المعاني الأساسية للراهنية:
- توفية الأمور ما تستحق من صورة كاملة وصحيحة بغية تعديلها واصلاحها وتصحيحها.
- الاستقرار على الحال والمواظبة عليه.
- التأكد من الأمر والتحقق منه بواسطة الحجة والبرهان والبينة، ومن ثمة التمسك به والمواظبة والاستمرار عليه.
- إمكان حصول قلة النفع أو انعدامه.
- إمكانية حصول الاستغناء أو الامتناع.
3- المحددات الأساسية للمعاصرة:
الادراك، اللجوء، النجاة، الجدة والحداثة والتطور، الإثمار وبُدو الغلال والهمة والإرادة والعادة، الغاية والنازلة والزمان، المنع والحبس.
4- المعاني الأساسية للمعاصرة: - النصح واستيفاء ما يتطلبه الوصول إلى أقصى عمق وبلوغه وفهمه والإحاطة به.
-القصد اضطرارا وقصرا إلى ما يمكن الاستناد إليه والاستعانة به. - القصد إلى ما يخلص وينقد ويؤمن وينصر.
- ما به يتحقق التحديث والتجديد.
- ما به يتم التقيد بغية استغنائه واستثماره من خلال إبرازه والتأثير فيه.
- ما يُهتم به وما يراد وما يتوخى وما يعتاد عليه تبعا لحقبة زمنية معينة.
- ما يحجر ويحرم ويحضر ومن تمة قد يقلد النزع والخير أو يعدمه.
وبهذا يكون اللقاء مناسبة لتسليط الضوء على نظرة غير مسبوقة لمفهوم الراهنية ومفهوم المعاصرة حسب الأستاذ المحاضر، وهي رؤية لها وجهان وجه إيجابي نافع، ووجه سالب وقد يكون ضارا، ولكن بالوجهين معا يتم الانخراط في المجال الذي نعيش فيه والذي يؤطرنا بصفة عامة.
وحول علاقة المنطق والفلسفة في عصرنا الراهن، وهل يفيد المنطق في التفلسف الآن؟ يعتبر أنه لابد من التركيز على أن المنطق ليس عملا والفلسفة ليست فلسفة، بل هي فعل وتجرؤ وقراءة وإنتاج. والمنطق نوعان حسب ما ميزه الغرب، الأول يوناني مشائي رواقي، والثاني منطق جديد ارتبط بالخطابة والتواصل والجدل. ويضيف أن ما غلب على تدريس المنطق في الجامعات العربية هو المنطق اليوناني المشائي بعد أن أخد صبغة رمزية في المنطق القضوي الرمزي والمنطق المحمولي الرمزي، حيث تم تجاهل التوجه الجدلي أو التوجه الخطابي، وفي هذا السياق يشير الأستاذ النقاري أنه سيصدر له قريبا كتاب بعنوان، “من منطق النظر إلى منطق التناظر”، يتضمن تقريبا لمبادئ المنطق الأفيد حسب قوله.
وفيما يتعلق بتجليات المنطق وراهنيته في الفكر العربي والإسلامي المعاصر، فإن هناك نقل لمنطق يستفاد من الغير يدخل في باب تأريخ المنطق، كما لا يخلو من اجتهادات واضافات، وبالتالي فإن تأثيره ليس لغويا فقط، بل أيضا لفتح آفاق البحث والتنقيب عما يُستمد من الآخر، وفي هذا التنقيب يمكن أن نجد مشتركا يجمعنا للتواصل والحوار.
أما عن فائدة الدرس المنطقي في مواجهة ظاهرة الاختلاف عامة، والمنطق خصوصا، فإنه لا وجود حسبه للمنطق إلا بوجود الإختلاف، بل لا كلام إلا بوجود الاختلاف والتعدد، وهو ما يناقشه أحد مؤلفات الدكتور بعنوان، “من أجل تجديد النظر في علم أصول الفقه من خلال فلسفة القانون”. الذي يرتبط بالمعاملات التي يقع فيها النزاع والتضارب والاختلاف، والمنطق من حيث كونه يتناول الاستدلال ومن حيث كون الاستدلال لابد وأن يتضمن مدلولا، ومن كون المدلول لا يمكن أن يكون إلا إذا كان موضع نزاع، فالمنطق ينبغي أن يحضر في كل المقامات التي يوجد فيها الاختلاف، وبالتالي فكل مجال انساني يقع فيه التفلسف لابد أن يقع فيه رفع الخلاف.
وبخصوص علاقة المنطق بالرياضيات، فإن مجال تدريس المنطق في الرياضيات يختلف عنه في الفلسفة، فالأول يتم التعامل معه خارج الذوات وخارج الزمان والمكان، وبالتالي له مجال ونسق خاص به، ومتميز تماما عن مجال المنطق في الفلسفة، وهو المجال الذي أدى إلى الذكاء الاصطناعي، بعكس المجال الثاني الذي يفترض وجود ذوات وزمان ومكان يتعامل معها.